Categories
Uncategorized

الواقعية في التعامل مع كوريا الشمالية

Kim Jong-Un clapping
Kim Jong-Un clapping. Photo: petersnoopy/flickr.

 برلين ــ إن المهمة الملقاة على عاتق العالم في التعامل مع طبول الحرب التي تدقها كوريا الشمالية لن تصبح أسهل لأن العالم يواجه دولة فقيرة وعاجزة فعليا. بل على العكس من ذلك، ففي مثل هذه الظروف تصبح البصيرة الهادئة الرزينة ضرورة أساسية.

كانت عبقرية الأمير كليمينز فون مترنيخ في أيام إمبراطورية هابسبورج في صياغة نظام دولي جديد بعد حروب نابليون أنه لم يسع إلى وضع فرنسا المهزومة في الزاوية. ورغم أن مترنيخ سعى إلى ردع أي عودة فرنسية ممكنة، فإنه أعاد الحدود مع فرنسا إلى ما كانت عليه قبل الحرب.

على النقيض من هذا، وكما قال هنري كيسنجر، لم يتمكن المنتصرون في الحرب العالمية الأولى من ردع ألمانيا المهزومة ولم يقدموا لها الحوافز الكافية لحملها على قبول معاهدة فيرساي. بل إنهم فرضوا شروطاً قاسية على أمل إضعاف ألمانيا بشكل دائم. ونحن نعلم الآن إلى أي نتيجة أفضت تلك الخطة.

كان جون ف. كينيدي من نفس قالب مترنيخ. فأثناء أزمة الصواريخ الكوبية، لم يحاول إذلال الاتحاد السوفييتي أو تحقيق النصر الكامل عليه. بل إنه وضع نفسه بدلاً من ذلك في مكان نيكيتا خروشوف ووافق على تفكيك صواريخ أميركية في تركيا وإيطاليا سراً في مقابل سحب الصواريخ السوفييتية من كوبا. وبهذا كانت برجماتية كينيدي وحسه العملي سبباً في منع اندلاع الحرب العالمية الثالثة.

من المؤسف أن كوريا الشمالية لم تلق مثل هذه الحنكة السياسية البعيدة النظر. في مواجهة اللعبة النووية الخطيرة التي تمارسها كوريا الشمالية، يتعين علينا أن نسأل أنفسنا ماذا كان ليحدث لو تم التعامل مع مشكلة كوريا الشمالية على مدى السنوات العشرين الماضية بحصافة مترنيخ وكينيدي.

لا شك أن كوريا الشمالية ليست فرنسا في أوائل القرن التاسع عشر أو الاتحاد السوفييتي في عام 1962. فهي في نظر الزعماء السياسيين الغربيين (بما في ذلك اليابانيين) لم تكن أكثر من دولة هامشية صغيرة جعلتها إخفاقاتها الاقتصادية تبدو وكأنها على استعداد دائم للانخراط في عملية تدمير الذات. وغالباً كان زعماء العالم يفضلون ألا يكلفوا أنفسهم عناء التفكير في كوريا الشمالية، ولهذا فإن ردود أفعالهم كانت أشبه بالتعامل مع كل حادثة بشكل منفصل كلما تسببت كوريا الشمالية في خلق مشكلة أمنية. ولكن الآن، وبعد اختبارات النووية التي أجرتها كوريا الشمالية مؤخرا، ونظراً لتحسن قدراتها في مجال الصواريخ الباليستية، لم يعد ذلك النهج قابلاً للاستمرار.

ولعل أفضل فرصة لمعالجة المشكلة في مرحلة مبكرة كانت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991 مباشرة. ففي ذلك الوقت كان كيم إل سونج ــ مؤسس كوريا الشمالية ــ في مواجهة الانهيار الاقتصادي، وتضاؤل قواته العسكرية التقليدية، فضلاً عن العزلة الدبلوماسية. وفي مقابلات مع صحف مثل أساهي شيمبون وواشنطن تايمز في مارس/آذار وإبريل/نيسان 1992، أعرب كيم بوضوح عن رغبته في إقامة علاقات دبلوماسية مع الولايات المتحدة. ولكن لم يكن قادة الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية على استعداد لاستيعاب عرض كيم. ويبدو أن تصوراتهم لكوريا الشمالية منعتهم من إدراك الواقع السياسي السريع التغير.

ثم أهدرت فرصة أخرى في وقت لاحق من ذلك العقد. فلو ردت كوريا الشمالية بالمثل في الوقت المناسب بعد الزيارة التي قام بها المبعوث الأميركي وليام بيري إلى بيونج يانج في مايو/أيار من عام 1999، فلعل سياسة إشراك كوريا الشمالية التي بدأها الرئيس بل كلينتون كانت لترتفع إلى مستوى تطبيع العلاقات الدبلوماسية. ولكن كوريا الشمالية ماطلت بدلاً من ذلك، ولم ترسل نائب المارشال جو ميونج روك إلى الولايات المتحدة إلى في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2000، قرب نهاية ولاية كلينتون الرئاسية. وبعد بضعة أشهر، كان الرئيس المنتخب حديثاً جورج دبليو بوش حريصاً على عكس سياسة كلينتون في التعامل مع كوريا الشمالية.

ما زلت أتذكر الصعوبة التي واجهتها كوزير لخارجية كوريا الجنوبية في إقناع إدارة بوش بالتفاوض مع كوريا الشمالية بدلاً من الاكتفاء بفرض الضغوط والانتظار إلى أن تستسلم كوريا الشمالية. آنذاك، كانت كوريا الشمالية تعيد تشغيل منشأتها النووية في يونج بيون وتنتج البلوتونيوم، الأمر الذي عزز موقفها التفاوضي في مواجهة الولايات المتحدة. ثم أهدِر وقت ثمين قبل أن تجري كوريا الشمالية تجربتها النووية الأولى في عام 2006. ورغم أن بوش حول سياسته نحو المفاوضات الثنائية مع كوريا الشمالية بعد بضعة أشهر، فإن نظام كيم أصبح أكثر عنادا.

وبالفعل، أصبح سلوك كوريا الشمالية من ذلك الوقت أكثر تقلبا. وكان إغراقها السفينة الحربية الكورية الجنوبية تشيونان وقصف جزيرة يونبيونج في عام 2010 تصرفاً غير مسبوق تسبب في رفع التوترات بين شطري شبه الجزيرة الكورية إلى أعلى مستوياتها في عقود. واليوم، وفي أعقاب التجربة النووية الثالثة في كوريا الشمالية، يبدو الأمر وكأننا دخلنا المرحلة الأكثر خطورة على الإطلاق مع إعلان النظام بوضوح عن عزمه عدم التنازل عن خياره النووي أبدا. ماذا نفعل إذن؟

لابد أن يكون الخيار الأول ردع المزيد من العدوان من خلال الدبلوماسية. ولكن تحقيق الردع الدبلوماسي يتوقف على مدى تعاون الصين، وهذا يستلزم الاعتراف بمصالح الصين الحيوية المتعلقة بالأمن الوطني. فالصين لا تخشى العواقب الاجتماعية والاقتصادية التي قد تترتب على انهيار كوريا الشمالية فحسب، بل إنها تخشى أيضاً العواقب الاستراتيجية المترتبة على توحيد شطري شبه الجزيرة ــ وخاصة أن المؤسسة العسكرية الأميركية سوف تتمكن من الوصول إلى بعض الأراضي على حدودها من خلال تحالفها مع كوريا الجنوبية.

الواقع أن مجرد التصريح من جانب الولايات المتحدة بأنها لا تعتزم استغلال هذه الميزة العسكرية لن يكون كافياً لتهدئة مخاوف الصين. فزعماء الصين يتذكرون أن الولايات المتحدة وعدت الرئيس السوفييتي ميخائيل جورباتشوف بأن إعادة توحيد شطري ألمانيا والتحول الديمقراطي في أوروبا الشرقية لن يعني توسع منظمة حلف شمال الأطلسي شرقا. لذا فإن الأمر يتطلب تعهداً أكثر قوة بمراعاة المخاوف الأمنية الأساسية بشأن كوريا الجنوبية. ولن تحرر الصين نفسها من التورط في سياسة حافة الهاوية التي تنتهجها كوريا الشمالية، ولن تصبح أكثر قدرة على السيطرة على سلوكيات الشمال، ما لم تضمن أمنها أولا.

ولكن التعاون الصيني، برغم كونه ضروريا، فلن يحل مشكلة كوريا الشمالية من تلقاء ذاته. وينبغي لأي نهج شامل في التعامل مع هذه القضية أن يدرك سرعة التغيير الداخلين وخاصة في أذهان المواطنين العاديين في كوريا الشمالية. والأمر ببساطة أن الكوريين الشماليين ليسوا معزولين الآن بقدر ما كانوا من قبل، فقد أصبحوا أكثر إدراكاً لفقرهم الشديد، وهو ما يرجع في الأساس إلى زيادة معدلات التجارة ونشوء روابط أوثق مع الصين المزدهرة.

ولابد من تشجيع هذا التغيير الداخلي، لأنه أكثر فعالية من الضغوط الخارجية في التأثير على سلوك النظام. ولكن هذا التشجيع لابد أن يتم بطرق لا تثير مخاوف كوريا الشمالية من تدميرها بوسائل غير مباشرة. والواقع أن اقتراح الرئيس الكوري الجنوبي بارك جيون هاي بتقديم المساعدات الإنسانية على الرغم من ارتفاع حدة التوترات مؤخراً يشكل بداية في الاتجاه الصحيح.

إن أرواح الكوريين الشماليين العاديين لا تقل أهمية عن أمن جيران كوريا الشمالية. والأمر يتطلب نهجاً شاملا ــ يركز على البعد الإنساني بقدر ما يركز على البعد الأمني. ويبقى لنا أن نرى ما إذا كان هذا النهج سوف يتطلب من التبصر والشجاعة قدراً أعظم من ذلك الذي قد يتمكن من حشده الزعماء السياسيون اليوم في كوريا الجنوبية والغرب والصين.

ترجمة: أمين علي          Translated by: Amin Ali

Copyright Project Syndicate

يون يونج كوان وزير خارجية جمهورية كوريا سابقا، وأستاذ زائر حالياً لدى جامعة برلين الحرة والمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية.

For additional reading on this topic please see:

The New South Korean President’s Foreign Policy Directions

Extended Deterrence in Northeast Asia: Keep a Cool Head and Maintain a High Profile

Nuclear Weapons R&D Organizations in Nine Nations


For more information on issues and events that shape our world please visit the ISN’s featured editorial content and Security Watch.

Asia and a Post-American Middle East

Ambassador Corbin bids farewell to Secretary Kerry
US Secretary of State John Kerry leaves the United Arab Emirates. Photo: U.S. Department of State/flickr.

KUWAIT CITY – When the consequences of the United States-led invasion of Iraq ten years ago are fully assessed, the importance of the subsequent rise of political Islam there – and throughout the wider Middle East – may well pale in comparison to that of a geostrategic shift that no one foresaw at the time. That shift, however, has now come into view. With America approaching energy self-sufficiency, a US strategic disengagement from the region may become a reality.

The Middle East, of course, has experienced the withdrawal of a great power, or powers, many times before: the disintegration of the Ottoman Empire after World War I; the fraying of the French and British imperial mandates after World War II; and, most recently, the nearly complete disappearance of Russian influence following the collapse of the Soviet Union in 1991. Each time, monumental changes in the region’s politics, particularly its alliances, quickly followed. If America attempts to wash its hands of the Middle East in the coming years, will a similar rupture be inevitable?

L’Asie et le Moyen-Orient post-américain

Ambassador Corbin bids farewell to Secretary Kerry
US Secretary of State John Kerry leaves the United Arab Emirates. Photo: U.S. Department of State/flickr.

KOWEIT – Lorsque les conséquences de l’invasion de l’Irak par les Etats-Unis il y a dix ans seront pleinement évaluées, l’importance de l’émergence subséquente de l’islam politique dans ce pays – et dans l’ensemble de la région – pourrait pâlir en comparaison d’un tournant géostratégique que personne n’avait anticipé. Ce tournant est aujourd’hui apparent. Alors que les Etats-Unis sont sur le point d’atteindre une autosuffisance énergétique, leur désengagement de la région pourrait devenir une réalité.

Le Moyen-Orient a bien sûr déjà fait à plusieurs reprises l’expérience du retrait de grandes puissances : la désintégration de l’Empire ottoman après la Première guerre mondiale ; la désagrégation des mandats impériaux britanniques et français après la Seconde  guerre mondiale ; et la disparition quasi totale de l’influence russe à la suite de l’effondrement de l’Union soviétique en 1991. A chaque fois, les politiques régionales, et en particulier le jeu des alliances, ont été profondément modifiés. Si les Etats-Unis décidaient de se retirer du Moyen-Orient dans les années à venir, une telle rupture ne serait-elle pas inévitable ?

Si l’alliance américano-israélienne est pour beaucoup le fondement de la politique des Etats-Unis au Moyen-Orient, c’est en réalité la dépendance des Etats-Unis envers les importations de pétrole qui les a incité à établir une présence militaire dans la région après 1945. En fait, jusqu’à la guerre des Six Jours de juin 1967, les Etats-Unis n’étaient pas un fournisseur important d’armement à Israël. La présence militaire américaine avait surtout pour objectif de préserver le statu quo des pays arabes et par conséquence, le flux d’or noir provenant du Golfe persique, pour leur bénéfice, celui de leurs alliés et de l’économie mondiale en général.

Il ne faut pas croire pour autant que la révolution du gaz de schiste des Etats-Unis (qui devrait leur permettre sous peu d’être autosuffisants au plan énergétique), implique un départ imminent de la Cinquième Flotte américaine, basée au Bahreïn. Mais la raison de leur présence militaire dans la région change rapidement ; dans ce cas de figure – comme par exemple en Europe depuis la fin de la Guerre froide – la distribution des moyens militaires tend à changer également.

Ce changement devrait se refléter dans les relations des Etats-Unis avec leurs alliés et partenaires arabes. Comme l’a dit le géopolitologue américain Joseph Nye : « Pendant des décennies, les Etats-Unis et l’Arabie saoudite ont entretenu un équilibre d’asymétries par lesquelles nous dépendions de l’Arabie saoudite comme producteur d’appoint et qu’elle dépendait de nous pour sa sécurité militaire ». Compte tenu du développement des ressources énergétiques américaines, Nye s’attend à ce que « ces ententes soient conclues en des termes plus favorables », en tous cas du point de vue des Etats-Unis.

Mais quelles que soient ces nouvelles modalités, la forme que prendra le désengagement américain au Moyen-Orient dépendra de la réponse apportée à deux questions cruciales. Premièrement, un retrait même partiel des forces armées créera-t-il un vide sécuritaire qui pourrait être occupé par un pays rival – par exemple, la Chine ou l’Iran ? Et deuxièmement, une baisse de la présence américaine dans la région provoquera-t-elle le genre d’instabilité qui génère des États défaillants et des sanctuaires de terroristes ?

La stratégie sécuritaire actuelle du président Barack Obama en Afghanistan, au Yémen et ailleurs laisse à penser que les Etats-Unis chercheront à atténuer ce dernier risque en poursuivant leurs opérations secrètes – au moyen de drones notamment. Mais empêcher des pays rivaux d’acquérir une influence prépondérante dans la région nécessitera une réponse d’une toute autre nature, pour laquelle les Etats-Unis auront besoin de l’appui d’anciens alliés, comme le Japon, ou de nouveaux amis, comme l’Inde.

La raison en est claire : la dépendance de la Chine envers les importations de combustibles fossiles du Moyen-Orient signifie qu’elle cherchera sans doute à occuper tout vide sécuritaire régional. La Chine semble en fait avoir anticipé depuis longtemps la modification des structures sécuritaires de la région et semble déjà prête à en profiter si le loisir lui en est donné. Son « collier de perles » dans l’Océan Indien – une série de bases navales potentielles liant la Chine au Moyen-Orient et à l’Afrique  – lui permet d’entretenir une marine hauturière capable de patrouiller les voies maritimes du Golfe Persique.

Mais alors qu’elle cherche à conclure de nouveaux accords avec les producteurs de pétrole du Moyen-Orient, la Chine est déjà pénalisée par le soutien sans faille qu’elle apporte à l’Iran, lui-même engagé dans une lutte de pouvoir avec les principaux États sunnites de la région, et en particulier avec l’Arabie saoudite. A défaut d’un revirement complet de l’attitude de la Chine envers l’Iran, un partenariat stratégique avec les monarchies du Golfe pourrait se révéler impossible. Et même dans ce cas, la répression des musulmans du Xinjiang par les autorités chinoises, à l’origine de vives tensions entre la Turquie et la Chine il y a quelques années, pourrait empêcher qu’une confiance nécessaire voie le jour.

Pourtant, la volonté incontournable de la Chine d’exercer une plus grande influence au Moyen-Orient signifie que des pays comme l’Inde, l’Indonésie, le Japon, la Corée du Sud, la Turquie et d’autres devront activement mettre en place une structure de sécurité régionale pour défendre leurs intérêts nationaux. Ils devront également se poser sans fards la question de savoir s’ils ont les moyens de protéger leur sécurité nationale. Pourraient-ils par exemple offrir dans une certaine mesure la sécurité que les Etats-Unis ont longtemps fournie aux États arabes de la région ?

Une telle projection de la puissance asiatique – et des luttes de pouvoir asiatiques – au Moyen-Orient peut aujourd’hui sembler une perspective lointaine. Mais il y a dix ans, la possibilité d’un désengagement américain de la région le paraissait tout autant.

Traduit de l’anglais par Julia Gallin

Copyright Project Syndicate

Yuriko Koike, ancienne ministre japonaise de la Défense et conseillère de sécurité nationale, et ancienne présidente du parti libéral-démocrate, est députée de la Diète japonaise.

For additional reading on this topic please see:

Early March 2013 Update: The Iranian Situation

US Trade and Investment in the Middle East and North Africa

What Scenarios for the Euro-Mediterranean in 2030 in the Wake of the Post-Arab Spring?


For more information on issues and events that shape our world please visit the ISN’s featured editorial content and Security Watch.

Asia ante un Oriente Próximo sin Estados Unidos

Ambassador Corbin bids farewell to Secretary Kerry
US Secretary of State John Kerry leaves the United Arab Emirates. Photo: U.S. Department of State/flickr.

KUWAIT – Cuando se terminen de evaluar las consecuencias de la invasión de Irak liderada hace diez años por Estados Unidos, puede ser que el subsiguiente ascenso del Islam político en ese país (y en todo Oriente Próximo) parezca poca cosa en comparación con el cambio geoestratégico que en aquel momento nadie previó y que ahora está a la vista: Estados Unidos está cada vez más cerca de volverse energéticamente autosuficiente y puede hacer realidad una retirada estratégica de la región.

Es cierto que Oriente Próximo ya experimentó muchas veces la salida de alguna gran potencia, o de varias: con la desintegración del Imperio Otomano después de la Primera Guerra Mundial, con la posterior descomposición de los mandatos imperiales de Francia y Gran Bretaña después de la Segunda Guerra Mundial y, más recientemente, con la casi total desaparición de la influencia rusa tras el colapso de la Unión Soviética en 1991. En cada ocasión, la situación política de la región cambió radicalmente en poco tiempo, especialmente en lo referido a las alianzas. Si en los años venideros Estados Unidos se desentendiera de Oriente Próximo, ¿serían inevitables rupturas similares?

A pesar de lo que muchos creen (que la política de Estados Unidos hacia Oriente Próximo se basa en su alianza con Israel), lo que en realidad motivó a aquel país a establecer una presencia militar dominante en la región después de 1945 fue su dependencia de la importación de petróleo. De hecho, hasta la Guerra de los Seis Días en junio de 1967, Estados Unidos no fue un gran proveedor de pertrechos militares a Israel. El propósito de la presencia militar estadounidense era, sobre todo, mantener el statu quo del mundo árabe y, con él, el flujo de energía procedente del Golfo Pérsico, para beneficio de Estados Unidos, de sus aliados y del conjunto de la economía global.

Por supuesto, no hay que creer que porque Estados Unidos ahora está en el umbral de la autosuficiencia energética gracias a la revolución del gas de esquisto (shale), su Quinta Flota basada en Bahréin va a levar anclas de un día para el otro. Pero las razones del despliegue militar estadounidense en la región están cambiando rápidamente, y en estos casos, también suele cambiar la distribución de recursos militares (como sucedió en Europa después del final de la Guerra Fría).

Es casi seguro que este cambio se reflejará en las relaciones entre Estados Unidos y sus aliados y socios árabes. Como explicó el estadista y académico estadounidense Joseph Nye: “Durante décadas, Estados Unidos y Arabia Saudita han tenido un equilibrio de asimetrías, en el que nosotros dependíamos de ellos por ser los principales productores de petróleo, y ellos dependían de nosotros para que les proveyéramos seguridad militar total”. Nye asegura que con el veloz desarrollo de fuentes propias de energía que está experimentando Estados Unidos, esta “negociación ahora se resolverá en términos un poco mejores”, al menos según la perspectiva estadounidense.

Pero, cualquiera sea el equilibrio final, la magnitud de la retirada estadounidense de Oriente Próximo dependerá de la respuesta a dos preguntas fundamentales. La primera es ¿puede una retirada militar (aunque sea parcial) crear un vacío de seguridad pasible de ser llenado por algún rival, por ejemplo, China o Irán? Y la segunda, ¿puede una disminución de la presencia estadounidense en la región alentar el tipo de inestabilidad conducente a la creación de estados fallidos y refugios para terroristas?

La actual estrategia de seguridad del presidente Barack Obama para Afganistán, Yemen y otros países sugiere que para intentar reducir el segundo riesgo, Estados Unidos continuará con sus intervenciones encubiertas, especialmente el empleo de aeronaves no tripuladas. Pero para prevenir que algún rival de Estados Unidos obtenga demasiada influencia en la región, será necesaria una respuesta muy diferente, que demandará el respaldo de viejos aliados (como Japón) y de amigos nuevos (como la India).

La razón es clara: como China depende de la energía que importa de Oriente Próximo, es casi seguro que intentará llenar cualquier vacío de seguridad que se abra en la región. De hecho, parece que China previó hace mucho tiempo los cambios que se producirían en la estructura de seguridad regional y que ya está preparada para aprovecharlos si se le da ocasión. Su “collar de perlas” a través del Océano Índico (una serie de posibles bases navales a través de las cuales China se conectaría con Oriente Próximo y África) bastaría como apoyo para una flota de alta mar con capacidad para patrullar los corredores marítimos del Golfo Pérsico.

Pero al momento de negociar otros acuerdos con los productores de petróleo de Oriente Próximo, China se verá en situación comprometida; esto se debe al fuerte respaldo que dio a Irán, país que está trenzado en una lucha de poder con los principales estados suníes de la región, particularmente Arabia Saudita. De no mediar un completo cambio en sus relaciones con Irán, es posible que China nunca pueda forjar una alianza estratégica con las monarquías del Golfo Pérsico; e incluso entonces, tal vez nunca consiga ganarse su plena confianza, debido a la represión interna de los musulmanes de Xinjiang en China (que hace pocos años provocó una feroz disputa con el primer ministro turco Recep Tayyip Erdoğan).

Como sea, es inevitable que China busque obtener mayor influencia en Oriente Próximo, lo cual implica que países como India, Indonesia, Japón, Corea del Sur, Turquía, etcétera, también deberán adelantarse a crear una estructura regional de seguridad que proteja sus intereses nacionales. Para ello, necesitan tener claro si tienen o no medios para alcanzar sus metas de seguridad nacionales. Por ejemplo, ¿pueden proveer parte de la seguridad que durante mucho tiempo Estados Unidos ofreció a los estados árabes de la región?

Tal vez esta proyección del poder (y de las luchas de poder) de Asia a Oriente Próximo todavía parezca algo lejano. Pero hace diez años, también parecía lejana la posibilidad de que Estados Unidos se retirara de la región.

Traducción: Esteban Flamini

Copyright Project Syndicate


Yuriko Koike, ex ministra de defensa y asesora de seguridad nacional de Japón, fue presidenta del Partido Liberal Democrático de Japón y en la actualidad es miembro de la Dieta Nacional.


For additional reading on this topic please see:

Early March 2013 Update: The Iranian Situation

US Trade and Investment in the Middle East and North Africa

What Scenarios for the Euro-Mediterranean in 2030 in the Wake of the Post-Arab Spring?


For more information on issues and events that shape our world please visit the ISN’s featured editorial content and Security Watch.

آسيا والشرق الأوسط في مرحلة ما بعد أميرك

Ambassador Corbin bids farewell to Secretary Kerry
US Secretary of State John Kerry leaves the United Arab Emirates. Photo: U.S. Department of State/flickr.

الكويت ــ عندما يتم تقييم العواقب التي ترتبت على غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة قبل عشر سنوات بشكل كامل، فإن أهمية ما تلا ذلك الغزو من صعود الإسلام السياسي هناك ــ وفي مختلف أنحاء الشرق الأوسط قد تبدو ضئيلة للغاية مقارنة بالتحول الجغرافي الاستراتيجي الذي لم يكن لأحد أن يتوقعه آنذاك. ولكن ذلك التحول أصبح الآن مرئيا. ومع اقتراب أميركا من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة، فإن انفصال الولايات المتحدة استراتيجياً عن المنطقة قد يصبح حقيقة واقعة.

لقد شهد الشرق الأوسط بطبيعة الحال انسحاب قوة عظمى، أو قوى عظمى، مرات عديدة من قبل: تفكك الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى؛ وتنازع ولايات الإمبراطوريتين الفرنسية والبريطانية بعد الحرب العالمية الثانية؛ ومؤخرا، الاختفاء شبه الكامل للنفوذ الروسي في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991. وفي كل مرة، سرعان ما تحدث تغيرات هائلة في سياسية المنطقة، وخاصة تحالفاتها. وإذا كانت أميركا تحاول غسل يديها من الشرق الأوسط في السنوات المقبلة، فهل يؤدي هذا إلى انقطاع حتمي مماثل؟

رغم أن العديد من المراقبين يعتقدون أن التحالف الأميركي الإسرائيلي يشكل الأساس للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، فإن اعتماد الولايات المتحدة على النفط المستورد هو الذي دفعها إلى تأسيس تواجد عسكري مهيمن في المنطقة بعد عام 1945. والواقع أن الولايات المتحدة، قبل حرب الأيام الستة في يونيو/حزيران 1967، لم تكون المورد الرئيسي للمعدات العسكرية إلى إسرائيل. وكان الغرض من التواجد العسكري الأميركي في المقام الأول الحفاظ على الوضع الراهن في العالم العربي، وبالتالي حماية تدفق الطاقة من الخليج الفارسي لصالح الولايات المتحدة وحلفائها، والاقتصاد العالمي بالكامل.

بطبيعة الحال، لا ينبغي لأحد أن يتخيل أن ثورة الغاز الصخري في الولايات المتحدة (والتي جعلتها قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة) تعني أن أسطولها الخامس المتمركز في البحرين قد يرفع مرساه في أي وقت قريب. ولكن الأساس المنطقي لالتزام أميركا بالقوة العسكرية في المنطقة يتغير بسرعة؛ وعندما يحدث ذلك ــ كما حدث في أوروبا على سبيل المثال منذ نهاية الحرب الباردة ــ فإن توزيع الأصول العسكرية يميل إلى التغير أيضا.

ويكاد يكون من المؤكد أن ينعكس هذا التغيير على علاقات أميركا مع حلفائها وشركائها العرب. فكما زعم رجل الدولة/الأكاديمي الأميركي جوزيف ناي: “فلعقود من الزمان، كان بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية نوع من التوازن غير المتناسق حيث كنا نعتمد عليها باعتبارها المنتج الأكبر للنفط وكان السعوديون يعتمدون علينا في تحقيق الأمن العسكري المطلق”. ونظراً لإمدادات الطاقة المحلية المتنامية في الولايات المتحدة، فإن ناي يزعم أن هذه الصفقات “سوف تُعقَد في المستقبل وفقاً لشروط أفضل بعض الشيء”، على الأقل من منظور الولايات المتحدة.

ولكن أياً كانت الشروط الجديدة، فإن درجة فك الارتباط بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط سوف تعتمد على كيفية الرد على سؤالين رئيسيين. فأولا، هل يؤدي سحب القوات العسكرية ولو كان ذلك بشكل جزئي إلى خلق فراغ أمني من الممكن أن يشغله منافس ــ ولنقل الصين أو إيران؟ وثانيا، هل يؤدي الانتقاص من التزام أميركا بالمنطقة إلى تحفيز نوع من عدم الاستقرار قد يفضي إلى توليد دول فاشلة وإنشاء ملاذ آمن للإرهابيين؟

إن الاستراتيجية الأمنية الحالية التي يتبناها الرئيس باراك أوباما في أفغانستان، واليمن، وأماكن أخرى، يشير إلى أن الولايات المتحدة سوف تسعى إلى تخفيف الخطر الأخير من خلال الاستمرار ف تدخلاتها المستترة ــ وخاصة استخدامها لمركبات جوية بدون طيار. بيد أن منع المنافسين من اكتساب نفوذ مفرط في المنطقة سوف يتطلب نمطاً مختلفاً تمام الاختلاف من الاستجابة ــ وهو النمط الذي سيتطلب بدوره الدعم من قِبَل حلفاء قدامى مثل اليابان، وأصدقاء جدد مثل الهند.

والسبب وراء هذا واضح: ذلك أن اعتماد الصين على واردات الطاقة من الشرق الأوسط يعني أنها سوف تسعى بلا أدنى شك إلى شغل أي فراغ أمني إقليمي. ويبدو أن الصين توقعت لفترة طويلة التغيير المقبل في البنية الأمنية للمنطقة، وتبدو مستعدة بالفعل لاغتنام الفرصة إذا سُمِح لها بهذا. والواقع أن “عُقد اللآلئ” الصيني الممتد عبر المحيط الهندي ــ سلسلة من المحطات البحرية المحتملة التي تربط الصين بالشرق الأوسط وأفريقيا ــ سوف يدعم البحرية الصينية القادرة على مراقبة الممرات البحرية في الخليج الفارسي.

ولكن في محاولة إقامة صفقات جديدة مع منتجي النفط في الشرق الأوسط، فإن الصين عرضت نفسها للخطر بالفعل بسبب دعمها القوي لإيران، التي تخوض الآن صراعاً على السلطة مع الدول السُنّية الكبرى في المنطقة، وخاصة المملكة العربية السعودية. وفي غياب تحول كامل في علاقات الصين مع إيران، فقد يصبح من المستحيل إقامة شراكة استراتيجية مع ممالك الخليج الفارسي. وحتى إذا حدث ذلك فإن القمع الداخلي في الصين لمسلمي مقاطعة تشين جيانج، والذي أثار نزاعاً شرساً مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قبل بضعة أعوام قليلة، قد يحول دون نشوء الثقة الضرورية من الأساس.

ورغم هذا، فإن محاولات الصين المحتمة لفرض قدر أعظم من النفوذ في الشرق الأوسط تعني أن دولاً مثل الهند، وإندونيسيا، واليابان، وكوريا الجنوبية، وتركيا وغيرها من الدول سوف تكون في احتياج هي أيضاً إلى السبق في خلق بنية أمنية إقليمية كفيلة بحماية مصالحها الوطنية. ويتعين على هذه الدول أن تكون واضحة مع نفسها حول ما إذا كانت تملك السبل اللازمة لتحقيق غاياتها الأمنية الوطنية. على سبيل المثال، هل هي قادرة على توفير بعض الأمن الذي تولت أميركا لفترة طويلة توفيره للدول العربية في المنطقة؟

إن إسقاط مثل هذا المنظور للقوة الآسيوية ــ ولصراعات القوة في آسيا ــ على الشرق الأوسط قد يبدو احتمالاً بعيداً اليوم. ولكن قبل عشر سنوات فقط كان نفس القول ينطبق أيضاً على احتمالات إقدام الولايات المتحدة على فك ارتباطها بالمنطقة.

ترجمة: أمين علي          Translated by: Amin Ali

Copyright Project Syndicate

يوريكو كويكي وزير الدفاع ومستشارة الأمن القومي في اليابان سابقا، وكانت رئيسة للحزب الديمقراطي الليبرالي في اليابان، وهي عضو بالبرلمان الوطني حاليا.

For additional reading on this topic please see:

Early March 2013 Update: The Iranian Situation

US Trade and Investment in the Middle East and North Africa

What Scenarios for the Euro-Mediterranean in 2030 in the Wake of the Post-Arab Spring?


For more information on issues and events that shape our world please visit the ISN’s featured editorial content and Security Watch.