معركة المياه

Cracked Earth
Cracked earth. Photo: CIAT/flickr.

نيويورك ــ كانت المنافسة الجيوسياسية الدولية المحتدمة على الموارد الطبيعية سبباً في تحويل بعض الموارد الاستراتيجية إلى محركات للصراع على السلطة. فقد تحولت موارد المياه العابرة للحدود الوطنية مصدراً نشطاً بشكل خاص للمنافسة والصراع، فانطلق سباق محموم لبناء السدود وارتفعت دعوات متنامية تطالب الأمم المتحدة بالاعتراف بالمياه باعتبارها مصلحة أمنية أساسية.

إن المياه تختلف عن غيرها من الموارد الطبيعية. ففي كل الأحوال، هناك بدائل للعديد من الموارد، بما في ذلك النفط، ولكن لا توجد بدائل للمياه. وعلى نحو مماثل، تستطيع البلدان أن تستورد الوقود الأحفوري، والخامات المعدنية، والموارد من المحيط الحيوي مثل الأسماك والأخشاب؛ ولكن لا يمكنهم استيراد المياه التي تعد مورداً محلياً في الأساس على نطاق واسع ولفترات طويلة ــ ناهيك عن كونها دائمة. إن الماء أثقف من النفط، الأمر الذي يجعل شحنها أو نقلها عبر مسافات طويلة ولو حتى عن طريق خطوط أنابيب أمراً باهظ التكلفة (ويحتاج إلى مضخات ضخمة وكثيفة الاستهلاك للطاقة).

إن المفارقة التي تنطوي عليها مسألة المياه هي أنها تدعم الحياة ولكنها قد تكون أيضاً سبباً للموت عندما تصبح ناقلة لميكروبات فتاكة أو تتخذ هيئة موجة مد عارمة (تسونامي)، أو فيضانات مفاجئة، أو عواصف، أو أعاصير. والعديد من أعظم الكوارث الطبيعية في عصرنا ــ بما في ذلك كارثة فوكوشيما في عام 2011، على سبيل المثال ــ كانت مرتبطة بالمياه.

ومن المنتظر أن يفرض الانحباس الحراري العالمي على الإمدادات من مياه الشرب ضغوطاً متزايدة ــ حتى مع ارتفاع مستوى سطح المحيطات واشتداد قوة وتواتر العواصف وزيادة أحداث الطقس المتطرفة الأخرى. والواقع أن التوسع الاقتصادي والديموغرافي السريع تسبب بالفعل في تحويل القدرة على الوصول إلى مياه الشرب إلى قضية كبرى عبر أقسام كبيرة من العالم. وقد عملت التغيرات التي طرأت على أساليب الحياة على تحفيز الزيادة في معدل استهلاك الفرد من المياه، مع تسبب ارتفاع الدخول في تشجيع تغير الأنظمة الغذائية، وخاصة ارتفاع مستويات استهلاك اللحوم، التي يتطلب إنتاجها عشرة أمثال المياه المطلوبة في المتوسط لإنتاج السعرات الحرارية والبروتينات النباتية.

واليوم أصبح عدد سكان العالم من البشر أكثر قليلاً من سبعة مليارات، ولكن أعداد الماشية لا تقل في أي وقت عن 150 مليار. والبصمة البيئية المباشرة التي تخلفها الماشية أكبر من تلك التي يخلفها السكان من البشر، مع تحول الاستهلاك العالمي السريع الارتفاع من اللحوم في حد ذاته إلى محرك أساسي للضغط على المياه.

الآن، تدور بالفعل حروب سياسية واقتصادية في العديد من المناطق، وهو ما ينعكس في بناء السدود على الأنهار الدولية والدبلوماسية القسرية أو غير ذلك من السبل لمنع مثل هذه الأعمال. ولنتأمل هنا على سبيل المثال حرب المياه الصامتة الناجمة عن بناء أثيوبيا لسد على النيل الأزرق، والذي أثار تهديدات مصرية بشن عمليات عسكرية انتقامية سرية أو علنية.

في العام الماضي، حَذَّر تقرير مشترك من قِبل هيئات استخباراتية أميركية من أن استخدام المياه كسلاح في الحرب أو أداة للإرهاب قد يصبح أكثر احتمالاً في العقد المقبل في بعض المناطق. وقد دعا مجلس العمل المشترك، الذي يتألف من أكثر من ثلاثين رئيساً سابقاً من رؤساء الدول أو الحكومات، إلى اتخاذ تدابير عاجلة لمنع بعض البلدان التي تعاني من نقص شديدة في المياه من التحول إلى دول فاشلة. ومن جانبها، رفعت وزارة الخارجية الأميركية مسألة المياه إلى مستوى “المصالح المركزية للسياسية الخارجية الأميركية “.

في العديد من البلدان، يعمل نقص المتاح من المياه على المستوى المحلي بشكل متزايد على تقييد القرارات حول مكان إقامة المنشآت الصناعية الجديدة ومحطات الطاقة. ووفقاً لتقديرات البنك الدولي فإن مثل هذه القيود تكلف الصين 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي. ورغم هذا فإن الصين لم تندرج بعد تحت فئة الدول التي تعاني من نقص في المياه. أما الدول التي تعاني من نقص المياه، والتي تمتد من كوريا الجنوبية والهند إلى مصر وإسرائيل، فإنها تدفع ثمناً أعلى في مواجهة مشاكل المياه لديها.

وتدرك هذه البلدان بالفعل أن المياه مورد متجدد ولكنه محدود. فقدرة الطبيعة على تجديد المياه ثابتة، الأمر الذي يجعل موارد المياه العذبة القابلة للاستخدام على مستوى العالم محدودة بنحو 200 ألف كيلومتر مكعب. ولكن عدد البشر تضاعف تقريباً منذ عام 1970، في حين كان نمو الاقتصاد العالمي أسرع وتيرة.

بيد أن الزيادات الكبيرة في الطلب على المياه لا يحركها النمو الاقتصادي والديموغرافي أو الإنتاج الإضافي من الطاقة والتصنيع والغذاء لتلبية مستويات الاستهلاك المتزايدة فحسب، بل وتدفعها أيضاً حقيقة مفادها أن سكان العالم أصبحوا أكثر بدانة. فقد كان مؤشر متوسط كتلة الجسم للبشر في ازدياد في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ولكنه تضاعف في العقود الثلاثة الأخيرة منذ ثمانينيات القرن العشرين بشكل خاص بسبب انتشار البدانة.

إن المواطنين الأثقل وزناً يفرضون ضغوطاً أثقل على الموارد الطبيعية، وخاصة المياه والطاقة. وبالتالي فإن القضية لا تدور حول عدد الأفواه الواجب إطعامها فحسب، بل وأيضاً حول كمية الدهون الزائدة على كوكب الأرض. فعلى سبيل المثال، وجدت دراسة نشرتها المجلة البريطانية “إم بي سي للصحة العامة” أنه إذا كان متوسط مؤشر كتلة الجسم في بقية بلدان العالم مماثلاً لنظيره في الولايات المتحدة، فإن هذا سوف يعادل إضافة نحو مليار نسمة إلى عدد سكان العالم من البشر على الأرض، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم مشكلة نقص المياه.

الآن، وبعد أن ولى عصر المياه الرخيصة الوفيرة وحلت محله القيود على المعروض من المياه ومدى جودتها، بدأ العديد من المستثمرين ينظرون إلى المياه باعتبارها النفط الجديد. ويشهد الصعود الهائل لصناعة المياه المعبأة منذ تسعينيات القرن العشرين على تحويل المورد الأكثر أهمية في العالم إلى سلعة على نحو متزايد. والواقع أن نقص المياه ليس من المرجح أن يزداد حدة وانتشاراً فحسب، بل إن المستهلكين أيضاً سوف يكون لزاماً عليهم أن يدفعوا المزيد في مقابل احتياجاتهم من المياه.

ولا يمكن تخفيف هذه الكارثة المزدوجة إلا من خلال الإدارة المبدعة للمياه والحفاظ عليها، وعن طريق تطوير مصادر الإمداد غير التقليدية. فكما هي الحال في قطاع النفط والغاز ــ حيث أثبت استخدام المصادر غير التقليدية، بما في ذلك الغاز الصخري ورمال القار، أنه قادر على تغيير القواعد برمتها ــ فإن قطاع المياه لابد أن يتبنى كل الخيارات غير التقليدية، بما في ذلك إعادة تدوير مياه الصرف الصحي وتحلية مياه المحيطات والمياه المالحة.

باختصار، يتعين علينا أن نركز على معالجة مشاكل إمدادات المياه التي تواجهنا ما دامت حياتنا تتوقف عليها.

ترجمة: أمين علي          Translated by: Amin Ali

Copyright Project Syndicate.

براهما تشيلاني أستاذ الدراسات الاستراتيجية في مركز بحوث السياسات الذي يتخذ من نيودلهي مقراً له، ومؤلف كتاب “الطاغوت الآسيوي”، وكتاب “المياه: ساحة القتال الجديدة في آسيا”، وكتاب “المياه والسلام والحرب: مواجهة أزمة المياه العالمية”.


For additional reading on this topic please see:

Improving Participartory Water Governance in Accra, Ghana

Understanding Pakistan’s Water-Security Nexus


For more information on issues and events that shape our world please visit the ISN’s Weekly Dossiers and Security Watch.

La bataille de l’eau

Cracked Earth
Cracked earth. Photo: CIAT/flickr.

NEW YORK – La très vive compétition géopolitique internationale autour des ressources naturelles alimente des luttes de pouvoir autour de certaines ressources stratégiques. Les ressources hydriques transnationales sont devenues une cause particulièrement vive de compétition et de conflits qui entraine une course à la construction de barrages et suscite des appels de plus en plus ardents pour que l’eau soit enfin reconnue par l’ONU comme une préoccupation essentielle de sécurité.

L’eau n’est pas comme les autres formes de ressources naturelles car il existe des substituts pour de nombreuses ressources, comme pour le pétrole, mais aucune pour l’eau. De même, les pays importent des énergies fossiles, du minerai, et des ressources de la biosphère comme le poisson ou le bois ; mais ils ne peuvent importer l’eau, essentiellement locale, à grande échelle et de manière prolongée – et bien moins permanente. L’eau est plus lourde que le pétrole, ce qui la rend très coûteuse à transporter sur de longues distances, même par pipeline (ce qui nécessiterait de grandes pompes très gourmandes en énergie.)

Le paradoxe de l’eau est qu’elle maintient la vie mais peut aussi provoquer la mort lorsqu’elle transporte des microbes mortels ou prend la forme d’un tsunami, d’un raz de marée, d’une tempête ou d’un ouragan. Un grand nombre de grands désastres naturels de notre époque – y compris par exemple la catastrophe de Fukushima en 2011 – est lié à l’eau.

Le réchauffement climatique risque de placer les réserves d’eau potable sous une pression croissante – en dépit de la montée des océans et de l’intensité et de la fréquence croissantes des tempêtes et des autres évènements climatiques extrêmes. L’expansion économique et démographique rapide a déjà fait de l’accès à l’eau potable un problème majeur dans une grande partie du monde. Les changements de styles de vie ont par exemple contribué à l’augmentation de la consommation d’eau par habitant, et la hausse des revenus encourage des évolutions dans les habitudes alimentaires, comme par exemple la consommation accrue de viande – une production qui exige 10 fois plus d’eau en moyenne que les calories et les protéines d’origine végétale.

Aujourd’hui, la population humaine de la planète totalise un peu plus de sept milliards d’individus, mais le bétail et quelle que soit l’époque, se monte à plus de 150 milliards de têtes. L’empreinte écologique directe de ce bétail est plus importante que celle de la population humaine, et la simple augmentation rapide de la consommation de viande devient le principal vecteur des pressions sur les réserves d’eau.

Des guerres de l’eau politiques et économiques sont déjà menées dans plusieurs régions, si l’on en juge par les constructions de barrage sur les rivières internationales et par la diplomatie coercitive ou autres moyens mis en œuvre pour empêcher ces constructions. La guerre silencieuse de l’eau a par exemple été lancée par l’Ethiopie avec la construction d’un barrage sur le Nil Bleu qui a déclenché des menaces directes et indirectes de représailles militaires de la part de l’Egypte.

Un rapport reflétant l’avis conjoint des agences de renseignement américaines avertissait déjà l’année dernière de la probabilité croissante de l’utilisation de l’eau comme arme de guerre ou outil de terrorisme dans certaines régions du monde dans les dix années à venir. Le Conseil InterAction, composé de plus de trente anciens chefs d’état ou de gouvernement, a demandé une action urgente pour éviter que certains pays luttant contre les pénuries d’eau ne deviennent des états en faillite. Le Département d’Etat américain, pour sa part, a placé l’eau au rang de « préoccupation centrale de la politique étrangère américaine. »

Dans de nombreux pays, la disponibilité inadéquate de l’eau locale influe de plus en plus sur les décisions d’implantations de nouvelles usines de production et de centrales énergétiques. La Banque Mondiale estime que de telles contraintes coûtent à la Chine 2,3% de son PIB. La Chine n’est cependant pas encore dans la catégorie des pays accablés par un problème d’eau. Ceux qui le sont, comme la Corée du Sud, l’Inde, l’Egypte ou Israël, payent le prix fort pour leurs problèmes d’eau.

Ces pays ont déjà compris que l’eau est une ressource renouvelable mais limitée. La capacité de la nature à reconstituer l’eau est fixe, ce qui limite les ressources en eau utilisables de la planète à quelques 200 000 kilomètres cubes. Mais la population humaine a presque doublé depuis 1970, tandis que la croissance de l’économie globale a été plus rapide encore.

La croissance considérable de la demande en eau ne résulte cependant pas uniquement de la croissance économique et démographique, ou du fait que la production énergétique et de produits manufacturiers et alimentaires s’adapte à cette nouvelle demande, mais également du fait que la population mondiale prend du poids. L’index de masse corporelle moyen des êtres humains est en augmentation depuis la fin de la deuxième guerre mondiale, mais surtout depuis les années 80, avec une prévalence de l’obésité qui a doublé depuis trente ans.

Des citoyens plus gros impliquent une demande plus lourde en ressources naturelles, principalement en eau et en énergies. Le problème n’est donc pas juste le nombre de bouches à nourrir, mais aussi l’excès de masse corporelle grasse présente sur notre planète. Une étude publiée dans la revue britannique BMC Public Health a déterminé par exemple que si le reste du monde avait la même masse corporelle que celle des Etats-Unis, cela reviendrait à rajouter près d’un milliard d’individus à la population mondiale existante, ce qui imposerait de lourdes pressions sur les ressources hydriques.

Dans la mesure où l’ère de l’eau bon marché et abondante a laissé place à des contraintes de plus en plus lourdes en matière d’approvisionnement et de qualité, de nombreux investisseurs commencent à envisager l’eau comme le nouveau pétrole. Le développement spectaculaire de l’industrie de l’eau en bouteille depuis les années 1990 atteste d’une marchandisation croissante de la plus essentielle des ressources planétaires. Les pénuries d’eau sont susceptibles non seulement de s’intensifier et de se propager, mais les consommateurs devront aussi payer plus cher pour leur approvisionnement à l’eau.

Cette double malchance peut être atténuée uniquement par une gestion et une conservation innovante de l’eau, et par le développement de moyens non traditionnels d’approvisionnement. Comme dans le secteur pétrolier et gazier – où des modes non conventionnels d’extraction comme le schiste et les sables bitumineux se sont avérés être de réelles évolutions – le secteur de l’eau doit adopter toutes les options non conventionnelles, y compris le recyclage des eaux usées et la désalinisation des océans et des eaux saumâtres.

En résumé, nous devons nous concentrer sur le problème de l’approvisionnement en eau comme si nos vies en dépendaient. Et en effet, c’est le cas.

Traduit de l’anglais par Frédérique Destribats

Copyright Project Syndicate.

Brahma Chellaney, professeur en études stratégiques au Centre de Recherche Politique de New Delhi, est l’auteur de Asian Juggernaut (Le Géant asiatique, ndt), Water: Asia’s New Battleground (L’Eau : le nouveau terrain de bataille de l’Asie, ndt), et Water, Peace, and War: Confronting the Global Water Crisis (Eau, paix, et guerre : affronter la crise globale de l’eau, ndt).


For additional reading on this topic please see:

Improving Participartory Water Governance in Accra, Ghana

Understanding Pakistan’s Water-Security Nexus


For more information on issues and events that shape our world please visit the ISN’s Weekly Dossiers and Security Watch.

La lucha por el agua

Cracked Earth
Cracked earth. Photo: CIAT/flickr.

NUEVA YORK – La acentuada competencia geopolítica internacional por los recursos naturales ha convertido algunos recursos estratégicos en motores de una lucha de poder. Los recursos hídricos transnacionales han llegado a ser una causa particularmente activa de competencia y conflicto,  que ha desencadenado una carrera a la construcción de presas y ha provocado cada vez más llamamientos para que las Naciones Unidas reconozcan el agua como un motivo fundamental de preocupación por la seguridad.

El agua es diferente de los demás recursos naturales. Al fin y al cabo, hay substitutos para muchos recursos, incluido el petróleo, pero ninguno para el agua. Así mismo, los países pueden importar combustibles fósiles, minerales y recursos de la biosfera, como pescado y madera de construcción, pero no pueden importar agua, que es esencialmente local, en gran escala y con carácter prolongado y, menos aún, permanente. El agua pesa más que el petróleo, por lo que resulta muy caro transportarla a lo largo de grandes distancias incluso por conductos (que requerirían bombas grandes y consumidoras de gran cantidad de energía).

La paradoja del agua es la de que mantiene la vida, pero puede causar también la muerte, cuando se convierte en portadora de microbios mortales o adopta la forma de un maremoto, riada, tormenta o huracán. Muchos de los mayores desastres naturales de nuestro tiempo –incluida, por ejemplo, la catástrofe de Fukushima en 2011– han tenido que ver con el agua.

El calentamiento planetario va a afectar cada vez más a los suministros de agua potable, precisamente cuando aumenta el nivel de los océanos y se intensifica la intensidad y la frecuencia de las tormentas y otros fenómenos meteorológicos extremos. La rápida expansión económica y demográfica ya ha convertido el acceso suficiente al agua potable en un gran problema en grandes zonas del mundo. Los cambios en los estilos de vida, por ejemplo, han contribuido a un aumento del consumo de agua por habitante, pues el aumento de los ingresos fomenta el cambio de dieta, por ejemplo, en particular un mayor consumo de carne, cuya producción necesita diez veces más agua, por término medio, que las calorías y las proteínas procedentes de las plantas.

Actualmente, la población humana de la Tierra asciende a un poco más de siete mil millones de personas, pero el ganado en cualquier momento determinado asciende a más de 150.000 millones. La huella ecológica directa del ganado es mayor que la de la población humana y el rápido aumento del consumo de carne es por sí solo una causa principal de estrés hídrico.

Ya se están riñendo guerras políticas y económicas por el agua en algunas regiones, reflejadas en la construcción de presas en ríos internacionales y en la diplomacia coercitiva u otros medios para prevenir esas obras. Piénsese, por ejemplo, en la silenciosa guerra del agua desencadenada por la construcción de presas por Etiopía en el Nilo Azul, que ha provocado amenazas egipcias de represalias militares manifiestas o encubiertas.

En un informe en el que se reflejaba el dictamen conjunto de los servicios de inteligencia de los Estados Unidos se advertía el año pasado que en el próximo decenio la utilización del agua como arma de guerra o instrumento del terrorismo llegaría a ser más probable en algunas regiones. El Consejo de Interacción, compuesto por más de 30 ex jefes de Estado o de Gobierno, ha pedido la adopción de medidas urgentes para prevenir la conversión en Estados fallidos de algunos países que afrontan una grave escasez de agua. Por su parte, el Departamento de Estado de los EE.UU. ha elevado el agua a la categoría de “motivo de preocupación fundamental para la política exterior de los EE.UU”.

En muchos países, la insuficiente disponibilidad de agua local está condicionando cada vez más las decisiones sobre dónde situar las nuevas instalaciones manufactureras y centrales energéticas. El Banco Mundial calcula que esas limitaciones están costando a China el 2,3 por ciento del PIB. Sin embargo, China no está aún en la categoría de Estados con estrés hídrico. Los que sí que lo están y que se extienden desde Corea del Sur y la India hasta Egipto e Israel, están pagando un precio aún mayor por sus problemas con el agua.

Esos países ya han comprendido que el agua es un recurso renovable, pero finito. La capacidad de reabastecimiento de agua de la naturaleza es invariable, lo que limita los recursos de agua dulce utilizable a unos 200.000 kilómetros cúbicos, pero la población humana casi se ha duplicado desde 1970, mientras que la economía mundial ha crecido aún más rápidamente.

Sin embargo, los más importantes aumentos de la demanda de agua no se deben simplemente al crecimiento demográfico y económico ni a unas energía, manufactura y producción de alimentos suplementarias para atender los niveles de consumo en aumento, sino también a que la población mundial está engordando. El índice de masa corporal (IMC) medio de los seres humanos ha ido aumentando en el período posterior a la segunda guerra mundial, pero en particular desde el decenio de 1980, pues en los tres últimos decenios la prevalencia de la obesidad se ha duplicado.

Unos ciudadanos más robustos necesitan más recursos naturales, en particular agua y energía. Así, pues, la cuestión no es sólo la de cuántas bocas hay que alimentar, sino también cuánto exceso de grasa corporal hay en el planeta. Por ejemplo, según las conclusiones deun estudio publicado en la revista británica BMC Public Health, si el resto del mundo tuviera el mismo índice de masa corporal medio que los EE.UU., equivaldría a añadir casi mil millones de personas más a la población mundial, lo que exacerbaría en gran medida el estrés hídrico.

Como la época del agua barata y abundante ha quedado substituida por cada vez más limitaciones de la calidad y del abastecimiento, muchos inversores están empezando a ver el agua como el nuevo petróleo. El espectacular aumento del sector del agua embotellada desde el decenio de 1990 atestigua la mercantilización en aumento del recurso más necesario del mundo. No sólo es probable que se intensifique y se extienda la escasez de agua, sino que, además, también los consumidores tendrán que pagar cada vez más por su abastecimiento de agua.

Sólo se podrá mitigar ese doble efecto mediante una gestión y conservación innovadoras del agua y desarrollando fuentes no tradicionales de abastecimiento. Como en el sector del petróleo y del gas, donde la explotación de fuentes no tradicionales, como, por ejemplo, el esquisto y las arenas alquitranadas, ha promovido un cambio, el sector hídrico debe adoptar todas las opciones no tradicionales, incluido el reciclado de las aguas residuales y la desalación del agua de los océanos y las aguas ligeramente salobres.

En una palabra, debemos centrarnos en abordar nuestros problemas de abastecimiento de agua como si nuestra vida dependiera de ello. En realidad, así es.

Traducido del inglés por Carlos Manzano.

Copyright Project Syndicate.

Brahma Chellaney, profesor de Estudios Estratégicos en el Centro de Investigaciones Políticas de Nueva Delhi, es autor de Asian Juggernaut (“El coloso asiático”), Water, Asia’s New Battlefield (“El agua, nuevo campo de batalla de Asia”) y Water, Peace and War: Confronting the Global Water Crisis (“El agua, la paz y la guerra. Para afrontar la crisis mundial del agua”).


For additional reading on this topic please see:

Improving Participartory Water Governance in Accra, Ghana

Understanding Pakistan’s Water-Security Nexus


For more information on issues and events that shape our world please visit the ISN’s Weekly Dossiers and Security Watch.

The Battle for Water

Cracked Earth
Cracked earth. Photo: CIAT/flickr.

NEW YORK – The sharpening international geopolitical competition over natural resources has turned some strategic resources into engines of power struggle. Transnational water resources have become an especially active source of competition and conflict, triggering a dam-building race and prompting growing calls for the United Nations to recognize water as a key security concern.

Water is different from other natural resources. After all, there are substitutes for many resources, including oil, but none for water. Similarly, countries can import fossil fuels, mineral ores, and resources from the biosphere like fish and timber; but they cannot import water, which is essentially local, on a large scale and on a prolonged – much less permanent – basis. Water is heavier than oil, making it very expensive to ship or transport across long distances even by pipeline (which would require large, energy-intensive pumps).

المراقبة والحرية الأميركية

Statue of Liberty
Statue of Liberty at dusk. Photo: gimmeahug/flickr.

كمبريدج ــ منذ كشف إدوارد سنودن عن المجموعة الهائلة من البيانات الإلكترونية والاتصالات التابعة لوكالة الأمن القومي الأميركية والتي تولدت بواسطة مواطنين أميركيين وغير أميركيين على حد سواء، كان الاهتمام مسلطاً بشكل مكثف على أحواله الشخصية. ولكن القضية الأكثر أهمية، حتى قبل أن تمنحه روسيا حق اللجوء السياسي المؤقت، تتعلق بحالة الحريات المدنية الأميركية. فهل الولايات المتحدة مذنبة بالنفاق، كما اتهمتها روسيا والصين وغيرهما؟

لكي نتمكن من الإجابة على هذا التساؤل فمن الأهمية بمكان أن نميز بين قضيتين تخلط المناقشة العامة بينهما: التجسس الإلكتروني ضد الكيانات الأجنبية والمراقبة المحلية من قِبَل حكومة لمواطنيها.

قبل أن يكشف سنودن ما كشف من الأسرار مؤخرا، كان التجسس السيبراني (على شبكة الإنترنت) قد تحول بالفعل إلى نقطة خلاف رئيسية في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين. وقد نوقش هذا الأمر في “قمة أكمام القميص” في يونيو/حزيران بين الرئيس باراك أوباما وشي جين بينج، وتم الاتفاق بين الحكومتين على إنشاء مجموعة عمل خاصة لبحث هذه القضية.

تتهم الولايات المتحدة الصين باستخدام التجسس السيبراني لسرقة الملكية الفكرية على نطاق غير مسبوق. وبين مصادر عامة أخرى، يمكنها أن تشير إلى دراسة قامت بها شركة الأمن السيبراني “مانديانت”، والتي تتبعت العديد من مثل هذه الهجمات لكي تصل في النهاية إلى مرفق تابع لجيش التحرير الشعبي في شنغهاي. وترد الصين بأنها أيضاً ضحية لغارات سيبرانية لا تعد ولا تحصى، وكان منشأ العديد منها الولايات المتحدة.

وكل من الجانبين لديه حجة. فإذا افترضنا أن أحد سكان المريخ يراقب تدفق الإلكترونات بين شرق آسيا وشمال أميركا، فلعله يلاحظ حركة مرور قوية في الاتجاهين. ولكنه إذا نظر داخل حزب البيانات فسوف يرى مضموناً مختلفاً تمام الاختلاف.

فالسياسة الأميركية لا تسعى إلى سرقة الملكية الفكرية، في حين تبدو سياسة الصين على العكس من ذلك. ومن ناحية أخرى فإن الحكومتين تمارسان بشكل ثابت اختراقات لأجهزة الكمبيوتر على الجانب الآخر بغرض سرقة أسرار سياسية وعسكرية تقليدية. إن التجسس لا يشكل انتهاكاً للقانون الدولي (ولو أنه ينتهك غالباً العديد من القوانين المحلية)، ولكن الولايات المتحدة تزعم أن سرقة الملكية الفكرية تشكل انتهاكاً لروح ونص الاتفاقيات التجارية الدولية.

بيد أن الصين ليست الدولة الوحيدة التي تسرق الملكية الفكرية. فبعض حلفاء أميركا الذين يعربون الآن عن غضبهم إزاء الكشف عن برامج التجسس من جانب الولايات المتحدة، كان من المعروف عنهم القيام بنفس الأمر لصالح الولايات المتحدة. ووفقاً للولايات المتحدة، فإنها عندما تفتش البريد الإلكتروني غير الأميركي تبحث عن علاقات إرهابية، وأنها كثيراً ما تقاسمت المعلومات التي تتوصل إليها مع حلفائها.

وبهذا المعنى، فإن المراقبة الأمنية من الممكن أن تفيد الولايات المتحدة وغيرها من الدول. وفي نهاية المطاف فإن جزءاً من المخطط الذي بلغ ذروته في الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، حيك بواسطة مصري يعيش في هامبورج.

ولكن الأميركيين ليسوا بلا خطيئة. فكما كشفت معلومات سنودن، فإن الولايات المتحدة كانت تراقب الاتصالات بين ممثلي الاتحاد الأوروبي خلال استعداداتهم للمفاوضات التجارية. ولم يسفر هذا عن إنتاج فوائد مشتركة؛ بل كان قراراً سيئاً ويتعين على أوباما أن يتبرأ منه.

من المفيد من الناحية التكتيكية بالنسبة لروسيا والصين وغيرهما من الدول أن تخلط بين قضايا التجسس والحريات المدنية وأن تتهم الولايات المتحدة بالنفاق. ولكن هذه الاتهامات تبدو غريبة حين يكون مصدرها دول تعاني من ضعف سيادة القانون والرقابة الغليظة على الإنترنت.

وقد كشف سنودن عن برنامجين رئيسيين للمراقبة داخل الولايات المتحدة. وعندما نتحدث عن الحريات المدنية، فإن دراسة مضمون أي رسالة من مصدر غير أميركي مشتبه به تثير قدراً أقل من الجدال. أما البرنامج الذي استحث قدراً أعظم من المناقشة الساخنة فهو ذلك الذي تستعين به وكالة الأمن القومي في رسم خرائط لمنشأ ومقصد المكالمات الهاتفية التي يجريها مواطنون أميركيون وتخزين هذه المكالمات تحسباً للحاجة إلى مراجعتها في المستقبل (بأمر من المحكمة كما يفترض). والواقع أن هذا التطبيق للقدرة التكنولوجية لتخزين ما يطلق عليه وصف “البيانات الكبيرة” يثير مجموعة جديدة من القضايا حول انتهاك خصوصية المواطنين.

ويشير المدافعون عن هذا البرنامج إلى أنه يتفق مع القانون الحالي ومع الفلسفة الدستورية للضوابط والتوازنات في الولايات المتحدة، وذلك لأن كلاً من السلطتين التشريعية والقضائية وافقت عليه. ويزعم المعارضون أن المحكمة التي أنشئت في عام 1978 بموجب قانون مراقبة الاستخبارات الخارجية كانت مصممة لعصر سابق لقدوم البيانات الكبيرة، وأن الممارسة الحالية تمتد إلى أحكام القانون الوطني، والذي استن بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول.

ويدعو المعارضون إلى استنان قانون جديد. ففي الشهر الماضي نجا الإطار القانوني الحالي من تصويت متقارب للغاية (217 في مقابل 205) في مجلس النواب. وكان الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو الانقسام في كلا الحزبين. فقد تألفت المعارضة من تحالف بين جمهوريين محافظين من حزب الشاي وديمقراطيين ليبراليين. ومن المحتم أن تثار هذه القضية مرة أخرى، في ظل العديد من المراجعات المعلقة لمشاريع قوانين أمام المحكمة بموجب قانون مراقبة الاستخبارات الخارجية.

وبدلاً من إظهار النفاق وقبول تآكل الحريات المدنية، فإن ما كشف عنه سنودن من أسرار استفز مناقشة توحي بأن الولايات المتحدة تحترم مبادئ الديمقراطية بطرقها غير المرتبة تقليديا. وتواجه أميركا الآن مفاضلة بين الأمن والحرية، ولكن العلاقة أصبحت أكثر تعقيداً مما قد يبدو للوهلة الأولى.

إن أسوأ تهديد للحريات يأتي عندما يكون الافتقار إلى الأمن عند أقصى مستوياته، لذا فإن المقايضات المتواضعة من الممكن في بعض الأحيان أن تمنع خسائر أكبر. حتى أن واحداً من كبار المدافعين عن الحرية مثل إبراهام لينكولن علق مبدأ المثول أمام القضاء شخصياً في ظل الظروف القاسية التي صاحبت الحرب الأهلية الأميركية. ومثل هذه القرارات قد لا ينظر إليها باعتبارها خاطئة أو غير عادلة حتى وقت لاحق ــ ولنتأمل هنا الأمر الذي أصدره فرانكلين روزفلت باعتقال المواطنين الأميركيين من أصل ياباني في وقت مبكر من الحرب العالمية الثانية.

في العقد الذي تلا الحادي عشر من سبتمبر 2011، تأرجح بندول المشاعر العامة باتجاه الأمن أكثر مما ينبغي؛ ولكنه بدأ يتأرجح في الاتجاه الآخر في غياب هجمات إرهابية كبرى جديدة. وقد أظهر استطلاع رأي أجرته محطة ايه بي سي نيوز/واشنطن بوست أن 39% من الأميركيين الآن يقولون إن حماية الخصوصية أكثر أهمية من التحقيق في التهديدات الإرهابية، بعد أن كانت النسبة 18% فقط في عام 2002.

ومن عجيب المفارقات هنا أن البرامج التي كشف عنها سنودن ساعدت فيما يبدو في منع أحداث إرهابية جديدة واسعة النطاق، مثل الهجوم بالقنابل على قطارات أنفاق نيويورك. وإذا كان الأمر كذلك، فربما ساعدت أيضاً في منع تنفيذ تدابير أكثر وحشية في مكافحة الإرهاب ــ وبالتالي تمكين المناقشة الحالية.

ترجمة: هند علي          Translated by: Hend Ali

Copyright Project Syndicate.

جوزيف س. ناي الرئيس الأسبق لمجلس الاستخبارات الوطني ومساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي في عهد الرئيس بل كلينتون، وهو أستاذ في جامعة هارفارد ومؤلف كتاب “الزعامة الرئاسية وخلق العصر الأميركي”.

For additional reading on this topic please see:

Surveillance in an Information Society: Who Watches the Watchers?

NSA Surveillance Leaks: Background and Issues for Congress

Privacy Refracted Through Prism


For more information on issues and events that shape our world please visit the ISN’s Weekly Dossiers and Security Watch.