Categories
Uncategorized

الهند تغير حرسها القديم

Print Friendly, PDF & Email
PCoE students at AICTE Regional Office in Mumbai. Source: Intelligentguy89/Wikimedia Commons

سنغافورة ــ في شهر أغسطس/آب، تم تعيين راغورام راجان محافظاً لبنك الاحتياطي الهندي. وكان هذا، على أحد المستويات، إعلاناً روتينياً توقعه كثيرون ــ فراجان يُعَد في نهاية المطاف من بين أشهر خبراء الاقتصاد الهنود في جيله. ولكن على مستوى آخر، يمكننا أن ننظر إلى تعيينه باعتباره جزءاً من تحول جيلي أوسع نطاقا. ذلك أن راجان، الذي بلغ الخمسين من عمره للتو، سوف يكون أول محافظ لبنك الاحتياطي الهندي يولد بعد تحول الهند إلى جمهورية في عام 1950.

وهناك تغيرات مماثلة تجري في مختلف مناحي الحياة الهندية، بما في ذلك الفنون والرياضة والتنمية الاجتماعية. وهذا من شأنه أن يجعل الهند أفضل حالا. فبرغم أن الهند واحدة من أحدث الدول سنا (من حيث متوسط عمر سكانها)، حيث لا يتجاوز متوسط العمر هناك 26 عاما، فإن أشاوس الشيخوخة كانوا حتى وقت قريب يهيمنون بشكل غير متناسب أو مستحق على أغلب المجالات، من السياسة إلى الفنون بل وحتى الأعمال التجارية والرياضة.

ولكن الآن بدأ الداخلون الأحدث سناً يصعدون في كل مكان، حاملين معهم الطاقة والأفكار الجديدة. وفي عالم السياسة، ففي وقت حيث تستعد البلاد للانتخابات العامة المقبلة في العام القادم، فإن المرشحين الرئيسيين لخلافة رئيس الوزراء الحالي مانموهان سينغ، البالغ من العمر 81 عاما، هما ناريندرا مودي  مرشح حزب باهاراتيا جاناتا (62 عاما)، وراهول غاندي الذي بلغ من العمر 43 عاماً للتو. وأي من الرجلين سوف يكون أول رئيس وزراء لم يولد في ظل الحكم البريطاني للبلاد.

وكانت الفنون واحدة من أولى المجالات التي شهدت ذلك التغيير الجيلي. فلفترة طويلة، كان الأدب الهندي، وخاصة باللغة الإنجليزية، خاضعاً لهيمنة زمرة كان أفرادها يكتبون في الأساس لجمهور متخصص وسعياً إلى الفوز بالاعتراف الأدبي. ثم بعد بضع سنوات نجحت مجموعة من الكتاب الشباب ــ مثل شيتان بهجت وأميش تريباتي، وكلاهما كان يزاول العمل المصرفي ــ في تغيير قواعد اللعبة بالكتابة للسوق الجماهيرية.

فبدلاً من الكتابة للنقاد الأدبيين، بدءوا في استخدام لغة أكثر بساطة، بما في ذلك التحوير الهندي للعبارات. كما اختاروا موضوعات جديدة: فغاص تريباتي في الأساطير القديمة لكي يكتب ثلاثية عن الرب شيفا، في حين بدأ بهجت بالكتابة عن حياة الطبقة المتوسطة الشابة الصاعدة في الهند.

وكما هو متوقع، انقض الأصوليون وسارع المنتقدون إلى السخرية. ولكن الناس اشترت كتبهما بالملايين، ثم تلا ذلك عروض الأفلام. ونتيجة لهذا، توسعت سوق الكتب واضطر الناشرون إلى تغيير استراتيجيات العمل بالكامل.

وحدث أمر مماثل إلى صناعة الموسيقى. فالسوق التي كانت خاضعة سابقاً لهيمنة فئة قليلة من المغنين والمخرجين الموسيقيين تحولت بفضل مسابقات المواهب التلفزيونية، على غرار أميركان أيدول، والتي توفر استعراضاً وطنياً لثروات الهند من المواهب.

وكانت هذه المسابقات سبباً في تحويل المشاركين، الذين قدم بعضهم من بلدات نائية، إلى نجوم لليلة واحدة، بل إن بعضهم استمر ليحقق مستقبلاً مهنياً مربحا. ويرجع الفضل جزئياً إلى هذا الاستعراض للمواهب الجديدة في الفترة التي تشهدها صناعة الموسيقى الهندية حالياً من الإبداع غير العادي والتوسع. ويبدو ناتج صناعة الموسيقى في الولايات المتحدة وأوروبا ضئيلاً بالمقارنة، نظراً لندرة الإبداع على مدى العقدين الماضيين.

بل إن التغير الجيلي أثر حتى على الرياضة الأكثر شعبية في الهند ــ الكريكيت. وكذلك التملق الذي كان ذات يوم ينهال على نجوم اللعبة الذين بلغوا مرحلة الشيخوخة والذين ظل العديد منهم يزاولون اللعبة في الفريق الوطني لفترة طويلة بعد اتجاه نجمهم إلى الأفول. ولكن بعد عامين فقط من الفوز ببطولة كأس العالم في عام 2011، تم إبدال وإحلال العديد من أعضاء هذا الفريق المنتصر ــ وهو القرار الذي كان حتى وقت قريب يبدو مستحيلا.

كما شهد القطاع الاجتماعي في الهند تحولاً واضحاً أيضا. فسياسات التنمية كانت خاضعة لهيمنة نشطاء مهنة متشبثين بفكر العصر الاشتراكي. ولكن وصول وجوه جديدة من عالم المال والأعمال، مثل أشيش داوان، وجايانت سينها، وراميش وسواتي راماناتان، كان يعني أن تقييم قضايا التنمية أصبح يتم أخيراً وفقاً نهج حل المشاكل الذي تبناه رواد المشاريع الاجتماعية، وليس من خلال العدسة الإيديولوجية التي يستخدمها الناشطون.

ومن عجيب المفارقات هنا أن التغيير في عالم الأعمال التجارية لا يزال بطيئا. فقد بدا النمو الذي شهده قطاع تكنولوجيا المعلومات في تسعينيات القرن العشرين وكأنه يَعِد بتغيير سريع وبعيد المدى، ولكن الأسر التجارية القديمة لا تزال مهيمنة.

ولكن الأمل يظل قائماً رغم ذلك. فهناك رجال أعمال مثل مانيش سابهاروال من تيمليس، وبيني وساشين بانسال من فليبكارت، متجر التجزئة على الإنترنت، يعملون على إحداث تغيير جوهري في الطريقة التي تزاول بها الهند أعمالها. وعلى نحو مماثل، قد تكون الأوساط الأكاديمية في الهند في حالة احتضار، ولكن المثقفين والمفكرين الشعبيين الجدد من أمثال براتاب بهانو ميهتا ظهروا من خارج التيار الرئيسي السائد.

صحيح أن اقتصاد الهند تباطأ بشكل حاد، وانخفضت قيمة الروبية، وهيمنت الفضائح والاحتجاجات على العناوين الرئيسية. ولكن خلف السحب القاتمة هناك جيل جديد يتولى الزمام، حاملاً معه أفكاراً ورؤى جديدة للهند.

ترجمة: إبراهيم محمد علي          Translated by: Ibrahim M. Al

Copyright Project Syndicate


سانجيف سانيال خبير استراتيجي عالمي لدى بنك دويتشه


For additional reading on this topic please see:

Conflict, Governance and Development: Issues of Social Justice and Participation in Jharkhand and Bihar, India

India-Pakistan Dilemma: To Talk or Not to Talk

Pressures on the Indian Rupee

 


For more information on issues and events that shape our world please visit the ISN’s Weekly Dossiers and Security Watch.

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.