الصين وخطة اللعبة الأفغانية

The game of Weiqi
The game of Weiqi. Photo: fabiocosta0305/flickr.

مدريد ــ في أحدث كتبه، “عن الصين”، يستخدم هنري كيسنجر اللعبتين الفكريتين التقليديتين المفضلتين لدى الصين والغرب ــ ويتشي والشطرنج ــ كوسيلة للكشف عن مواقف البلدين المتباينة في التعامل مع سياسات القوة الدولية. إن لعبة الشطرنج تنتهي بالضرورة إلى تحقيق النصر التام، فهي أشبه بمعركة يخطط لها الاستراتيجي العسكري كلاوسفيتز لتأمين مركز الثِقَل ثم القضاء في النهاية على العدو، في حين تدور لعبة ويتشي حول السعي إلى تحقيق ميزة نسبية من خلال استراتيجية التطويق التي تتجنب التصادم المباشر.

وهذا التباين الثقافي يُعَد مرشداً مفيداً إلى الطريق التي تدير بها الصين منافستها الحالية مع الغرب. وهنا تشكل سياسة الصين في التعامل مع أفغانستان مثالاً واضحا، ولكنها تشكل أيضاً تحدياً هائلاً لطريقة ويتشي. فبينما تستعد الولايات المتحدة لسحب قواتها من البلاد، يتعين على الصين أن تتعامل مع سيناريو ملتبس في مرحلة ما بعد الحرب.

إن أفغانستان تمثل مصالح استراتيجية حيوية بالنسبة للصين، ورغم ذلك فلم يخطر على بال قادتها قط أن يدافعوا عن هذه المصالح من خلال الحرب. فأفغانستان التي تُعَد منطقة أمنية بالغة الأهمية بالنسبة لغرب الصين، تشكل أيضاً ممراً مهماً تستطيع من خلاله تأمين مصالحها في باكستان (الحليف التقليدي في المنافسة التي تخوضها الصين مع الهند)، وضمان قدرتها على الوصول إلى الموارد الطبيعية الحيوية في المنطقة. فضلاً عن ذلك فإن إقليم شينجيانج الصيني الذي تسكنه أغلبية مسلمة، والذي يعاني من اضطرابات بالفعل ويقع على الحدود مع أفغانستان، قد يتأثر بشكل خطير باستيلاء طالبان على أفغانستان، أو بتقسيمها.

لقد خاضت الولايات المتحدة أطول حروبها على الإطلاق في أفغانستان، بتكاليف تجاوزت (حتى الآن) 555 مليار دولار، ناهيك عن عشرات الآلاف من الخسائر بين صفوف المدنيين الأفغان وما يقرب من 3100 قتيل بين صفوف القوات الأميركية. ولكن الاستراتيجية التي تنتهجها الصين في البلاد كانت تركز في الأغلب على تنمية التجارة، وعلى إشباع شهيتها الهائلة للطاقة والمعادن. ووفقاً لتقديرات وزارة الدفاع الأميركية فإن الاحتياطيات غير المستغلة من المعادن في أفغانستان تبلغ قيمتها تريليون دولار. ولكن الصين هي التي تستعد الآن لاستغلال قسم كبير من هذه الموارد.

والواقع أن تنمية الصين لمنجم آيناك للنحاس كانت بمثابة الاستثمار المباشر الأجنبي الأضخم على الإطلاق في تاريخ أفغانستان. كما شاركت الصين أيضاً في بناء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية بقيمة 500 مليون دولار، وخط للسكك الحديدية يربط بين طاجيكستان وباكستان. وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقعت شركة ناشيونال بتروليوم الصينية المملوكة للدولة على اتفاقية مع السلطات الأفغانية من شأنها أن تجعلها أول شركة أجنبية تستغل الاحتياطيات من النفط والغاز الطبيعي في أفغانستان.

وبمجرد أن تصبح المصالح الاقتصادية والأمنية الصينية الهائلة في أفغانستان بلا غطاء عسكري أميركي، فسوف يكون لزاماً على الصينيين أن يلعبوا دوراً أكبر هناك، وهو الدور الذي يتمنى الأفغان أن يصل إلى “مستويات استراتيجية”. وسوف تفضل الصين تحقيق هذه الغاية على الطريقة الصينية ــ أو في الأساس من خلال استعراض القوة الناعمة ــ أو على حد تعبير الحكومة الصينية أثناء الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس الأفغاني حامد قرضاي إلى بكين في أوائل شهر يونيو/حزيران “من خلال مجالات أمنية غير تقليدية”.

وبالحكم على هذا من خلال سلوك الصين في أجزاء أخرى من العالم، فإن أي تعاون عسكري من المرجح أن يكون متواضعاً للغاية وبالغ الحذر. وقد أوضحت الصين بالفعل أنها لن تساهم في الصندوق المتعدد الأطراف بقيمة 4,1 مليار دولار لدعم القوات الأمنية الوطنية الأفغانية.

وبدلاً من ذلك، فإن اتفاقية التعاون الثنائي الذي وقعه البلدان مؤخراً، تدور حول “الحفاظ على الاستقرار الوطني في أفغانستان” من خلال التنمية الاجتماعية والاقتصادية. والصين حريصة بشكل خاص على مكافحة تهريب المخدرات، حيث تحول إقليم باداخشان الأفغاني الذي يقع على الحدود مع إقليم شينجيانج الصيني إلى نقطة العبور الرئيسية للأفيون الأفغاني. ولكن منع التطرف الديني المستلهم من طالبان من الامتداد إلى شينجيانج يظل أيضاً يشكل أولوية قصوى.

لقد بذلت الصين جهوداً جبارة لتقديم القمة الأخيرة التي استضافتها بكين لمنظمة شنغهاي للتعاون، والتي تضم الصين وروسيا وعدداً من الدول الرئيسية في آسيا الوسطى، كمحاولة لإيجاد التوازن العادل للمصالح بين أصحاب المصلحة الإقليميين. كما سعت منظمة شنغهاي للتعاون فضلاً عن ذلك إلى لحشد الإجماع حول كيفية حراسة المنطقة “ضد الصدمات الناجمة عن اضطرابات خارج المنطقة”، على حد تعبير الرئيس الصيني هو جين تاو.

ولكن مهما بلغت درجة تركيزها على استعراض القوة الناعمة في أفغانستان فمن المرجح أن تجد الصين صعوبة كبيرة في منع نفسها من الانجرار إلى لعب دور الشرطي في منطقة بالغة التعقيد ومبتلاة بالصراعات على مر التاريخ. بيد أن التوسع الإقليمي للصين يصطدم مع قوى إقليمية أخرى، مثل روسيا والهند. وليس هناك ما يدل على أن حليفتها باكستان حريصة بشكل خاص على مواجهة الجماعات الإرهابية التي تهدد أمن جيرانها، ومن بينهم الصين.

وقد تجد باكستان صعوبة بالغة في التوفيق بين أمن حليفتها الصين وبين حربها التي تخوضها بالوكالة كأمر واقع مع الهند. وقد تضطر الصين آنئذ إلى تعزيز تواجدها العسكري في باكستان وفي المناطق القَبَلية على طول الحدود الأفغانية من أجل مواجهة الجماعات الإرهابية مثل حركة شرق تركستان الإسلامية التي تتخذ من باكستان مقراً لها، والتي يرى الصينيون أنها مسؤولة عن الهجمات التي شهدها إقليم شيانجيانج.

وسوف تكون الطريقة الصينية المفضلة هنا الاستقطاب والحوار. والواقع أن الدبلوماسية الصينية كانت منهمكة مؤخراً في محادثات ثلاثية مع باكستان وأفغانستان بهدف تحقيق المصالحة مع طالبان. ولا ترغب الصين في إثارة الصراع بين حلفائها الباكستانيين ومنافسيها الهنود. بل إن الصين على العكس من ذلك ظلت تؤكد لسنوات أن المشكلة الأساسية التي تؤثر على استقرار أفغانستان تتلخص في حروب الوكالة بين الهند وباكستان، وأن السلام في كشمير يشكل بالتالي مفتاحاً أساسياً للسلام في أفغانستان.

إن المهمة المتمثلة في الدفاع عن مصالح الصين في أفغانستان بعد انسحاب الولايات المتحدة تشكل تحدياً هائلاً حقاً للدبلوماسية الصينية. ولكن من غير المتصور على الرغم من هذا أن يتورط الصينيون في ذلك النوع من التدخل العسكري الواسع النطاق على الطريقة الأميركية التي تعود عليها العالم في الأعوام الأخيرة. وبالنسبة للصين، فإن السباق الأفغاني سوف يتحول على الأرجح إلى مزيج محسوب بدقة بالغة من لعبة الشطرنج ولعبة ويتشي.

ترجمة: أمين علي          Translated by: Amin Ali

Copyright Project Syndicate


شلومو بن عامي وزير خارجية إسرائيل الأسبق، ونائب رئيس مركز توليدو الدولي للسلام حاليا. وهو مؤلف كتاب “ندوب الحرب وجراح السلام: المأساة الإسرائيلية العربية”.

For further information on the topic, please view the following publications from our partners:

China’s Silk Road Strategy in AfPak: The Shanghai Cooperation Organization

Karzai’s Balancing Act: Bringing China In?

China’s Soft Power in South Asia


For more information on issues and events that shape our world please visit the ISN’s Security Watch and Editorial Plan.

Categories
Uncategorized

انتصار السياسة في أوروبا

A European flag and a Greek flag
Will Europe's politicians save the Euro? Photo: YoungJ523/flickr

مدريد ــ إن الاقتصاد ــ والنظريات الاقتصادية خاصة ــ ينتهي دوماً إلى ضرورات سياسية. ولهذا السبب فإن المشهد السياسي السريع التغير في أوروبا، والذي أسهمت موجات التمرد الانتخابي في فرنسا واليونان ضد التقشف المالي المدعوم من قِبَل ألمانيا في إعادة تشكيله، من المحتم أن يؤثر على السياسات الاقتصادية في أوروبا أيضا.

كانت هذه الحقيقة الحتمية سارية وعاملة طيلة تاريخ أوروبا في مرحلة ما بعد الحرب. والواقع أن تحول أوروبا من الاتحاد الجمركي المتواضع في إطار السوق الأوروبية المشتركة إلى سوق واحدة وعملة واحدة في إطار الاتحاد النقدي الأوروبي اليوم كان في حد ذاته تحركاً سياسياً في الأساس، وهو التحول الذي حمل دلالات استراتيجية بطبيعة الحال. إذ كانت فرنسا راغبة في ترويض القوة الألمانية بتسخيرها لصالح المشروع الأوروبية، وكانت ألمانيا على استعداد للتضحية بالمارك الألماني في سبيل تأمين موافقة فرنسا على ألمانيا الموحدة، كابوس أوروبا في الماضي القريب.

لا شك أن ألمانيا القوية اقتصادياً تشكل أهمية بالغة للمشروع الأوروبي، ولو كان ذلك لمجرد أن التاريخ أثبت مدى خطورة ألمانيا عندما لا تكون سعيدة. والواقع أنه بفضل اليورو ــ والسوق الأوروبية الجاذبة التي صاحبته ــ أصبحت ألمانيا اليوم الدولة صاحبة ثاني أضخم اقتصاد على مستوى العالم (تجاوزتها الصين في عام 2009).

بيد أن أوروبا على الرغم من ذلك كانت تجد دوماً صعوبة في التفاهم مع ألمانيا التي تتسم بالثقة المفرطة بالنفس، ناهيك عن الغطرسة. وتؤكد الاضطرابات السياسية الحالية في أوروبا أن وصفات التقشف التي قدمتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للدول المثقلة بالديون على أطراف أوروبا، كانت أشبه بالإملاءات الألمانية، بصرف النظر عن مدى معقوليتها من الناحية المجردة. ومكمن الخوف هنا في نظر العديد من المراقبين ليس “المشكلة الألمانية” التاريخية في أوروبا فحسب، بل وأيضاً حقيقة مفادها أنا ألمانيا قد تنتهي بها الحال إلى تصدير نفس أشباح السياسيات المتطرفة والنزعة القومية العنيفة، التي تجاوزتها في الداخل بفضل نجاحها الاقتصادي، إلى بقية أوروبا.

وبمجرد تحول الأزمة إلى واقع يومي محزن بالنسبة للملايين من العاطلين عن العمل ــ وخاصة بالنسبة لما يبدو وكأنه جيل ضائع من الشباب العاطلين في أوروبا ــ أصبحت مؤسسات الاتحاد الأوروبي أيضاً هدفاً للسخط الشعبي. والواقع أن أوجه القصور التي تعيب هذه المؤسسات ــ والتي تجسدت في النظام المرهق لإدارة الحكم، ومؤتمرات القمة غير الحاسمة التي لا نهاية لها ــ وافتقارها للشرعية الديمقراطية من الأسباب التي جعلت الملايين من الناخبين في مختلف أنحاء القارة يتنصلون منها.

وقد أظهرت التجربة الأوروبية أن إخضاع المجتمع للنظريات الاقتصادية خطأ لا يغتفر من الناحية السياسية. إن الحساسيات الاجتماعية والإحباطات إزاء فشل النظام السياسي في تقديم الحلول تشكل التربة الخصبة التي نشأت منها دوماً الحركات المتطرفة التي تعرض حلولاً سهلة.

إن التلازم الهش بين زعماء التيار السائد والناخبين كان يشكل دوماً سياسات الهوية العرقية المتشددة، والقومية المتطرفة، والتعصب الأعمى الصريح. وقد انتهت الحال بالرئيس الفرنسي السابق وهو يسعى يائساً إلى مناشدة هذه المشاعر على وجه التحديد في محاولة أخيرة لتجنب موته السياسي.

وما شهدناه في مختلف أنحاء أوروبا مؤخراً هو في واقع الأمر تمرد من قِبَل الناخبين ضد التيار السياسي السائد. ففي الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، حصل اليمين المتطرف واليسار المتطرف على أكثر من 30% من الأصوات، مع تهديد جبهة ماريان لوبان المناهضة للاتحاد الأوروبي بالحلول محل اتحاد يمين الوسط كحركة شعبية باعتبارها الحزب اليميني الجديد السائد في البلاد. وفي اليونان كان تفتت النظام الحزبي الخطير إلى سلسلة من المجموعات الأصغر، مقترناً بالظهور القوي لليسار الجديد المناهض للتقشف متمثلاً في حزب أليكسيس تسيبراس (حزب سيريزا)، واليمين النازي الجديد، سبباً في انزلاق الحكم إلى حالة من الشلل التام.

ومن عجيب المفارقات هنا أن ما فشلت في تحقيقه الاحتجاجات المتحضرة التي نظمتها الأحزاب الرئيسية في الدول الواقعة على أطراف أوروبا ــ تخفيف لعقيدة التقشف ــ قد يتأتى كنتيجة لسياسات حافة الهاوية التي اقترحها اليسار المتطرف اليوناني. وبتمرده السافر ضد التقشف الذي أملته ألمانيا، ومن خلال جعل انسحاب اليونان من اليورو احتمالاً معقولا، فإن حزب سيريزا يقرب الدول الواقعة على أطراف أوروبا أكثر من أي وقت مضى من الانهيار الفوضوي. وبالإصرار على أن يكون الاختيار بين الشروط الجديدة لإنقاذ اليونان أو يوم الهلاك، فربما يخلق حزب سيريزا بهذا إمكانية التوصل إلى حل شبه كينزي (متوافق مع مبادئ جون ماينارد كينز) للأزمة الأوروبية.

قد يكون تسيبراس “متهورا” كما قد يزعم خصومة من يسار الوسط (باسوك) ويمين الوسط (الديمقراطية الجديدة)، ولكنه ليس فاقداً لقواه العقلية. بل إنه يشكل قراءة رزينة للواقع: فقد تحولت خطة التقشف إلى طريق مؤكد إلى جحيم اجتماعي لأهل وطنه، ومن المرجح أن يحكم على اليونان بسنوات طويلة من الكساد المدمر في ظل فخ الديون الدائم، بل وربما يؤدي إلى انهيار الديمقراطية.

ربما كان من الواجب أن يخضع عناد ميركل الأسطوري الآن لمقتضيات السياسة. فقد يكون من الممكن تجاهل دعوة رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو لتبني سياسة اقتصادية أكثر مرونة، ولكنه أمر مختلف تماماً أن نتجاهل الرسالة القوية القادمة من الناخبين الفرنسيين واليونانيين.

وهو ليس بالصداع السياسي البسيط بالنسبة لميركل أن تضطر إلى مواجهة التحالف المناهض للتقشف، والذي يتألف من رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي والرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند. ومن المؤكد أن قدرة أسبانيا على تحمل “علاج” التقشف الذي لا يسفر إلا عن انزلاقها إلى مستويات أعمق من الركود ليست بلا حدود أيضا.

وعلى هذا فإن وزير الألمانية الألماني، الوصي على السلامة المالية، ينظر في اتخاذ تدابير مثل استخدام بنك الاستثمار الأوروبي لتعزيز النمو، بإصدار “سندات مشروع” الاتحاد الأوروبي لتمويل الاستثمار في البنية الأساسية، والسماح للأجور في ألمانيا بالارتفاع بوتيرة أسرع من نظيراتها في بقية أوروبا. ولعل الانتصار الوشيك ــ والحتمي في واقع الأمر ــ للسياسة على الاقتصاد المتمرد بات أقرب مما نتصور.

ترجمة: إبراهيم محمد علي          Translated by: Ibrahim M. Ali

Copyright Project Syndicate


شلومو بن عامي وزير خارجية إسرائيل الأسبق، ونائب رئيس مركز توليدو الدولي للسلام حاليا، ومؤلف كتاب “ندوب الحرب وجراح السلام: المأساة العربية الإسرائيلية”.
For further information on the topic, please view the following publications from our partners:

Understanding the Future of the Eurozone and of Greece’s Possible Exit

Eurosceptic Big Bang

Is Europe Addressing the Wrong Growth Crisis?


For more information on issues and events that shape our world please visit the ISN’s Security Watch and Editorial Plan.

Le triomphe du politique en Europe

A European flag and a Greek flag
Will Europe's politicians save the Euro? Photo: YoungJ523/flickr

MADRID – L’économie, particulièrement sous sa forme théorique, finit toujours par s’effacer devant les impératifs politiques. C’est pourquoi les changements subits du paysage politique de l’Europe, refaçonné en France et en Grèce par les frondes électorales contre l’austérité fiscale prônée par l’Allemagne, risquent également d’influer sur les mesures économiques de l’Europe.

Un tel impératif a toujours sous-tendu la période d’après-guerre de l’Europe. Effectivement, le passage de l’Europe d’une modeste union douanière de la Communauté économique européenne au marché commun et à la monnaie unique de l’actuelle Union monétaire européenne était en soi un acte fondamentalement politique, qui était évidemment chargé d’implications stratégiques. La France souhaitait apprivoiser la puissance allemande en l’attelant au projet européen et l’Allemagne était prête à sacrifier le Deutsche Mark pour que la France accepte la réunification des deux Allemagnes, le cauchemar pour l’Europe d’un passé encore frais.

Une Allemagne économiquement forte est, sans aucun doute, essentielle au projet européen. Ne serait-ce que par les leçons du passé qui ont démontré combien dangereuse pourrait être une Allemagne mécontente ? C’est en fait grâce à l’euro et au marché européen captif qui l’accompagne que l’Allemagne contemporaine est la deuxième plus grande exportatrice mondiale (surpassée par la Chine en 2009).

L’Europe a cependant toujours éprouvé des difficultés à accepter une Allemagne trop sûre d’elle-même, encore moins lorsqu’elle fait preuve d’arrogance. La tourmente politique actuelle en Europe signifie que, toutes sensées qu’elles soient en théorie, les prescriptions d’austérité de la chancelière Angela Merkel pour l’Europe périphérique criblée de dettes, ont néanmoins toutes les apparences d’un diktat allemand. L’inquiétude d’un grand nombre n’est pas uniquement la traditionnelle « question allemande » de l’Europe, mais aussi que l’Allemagne pourrait finir par exporter au reste de l’Europe les mêmes fantômes de radicalisme politique et de nationalisme belliqueux que son succès économique a évacués du pays.

La crise devenant la triste réalité quotidienne de millions de chômeurs, surtout pour ce qui semble être une génération perdue de jeunes européens sans emploi, les institutions de l’UE sont également devenues une cible du courroux populaire. Leurs lacunes – incarnées dans un système encombrant de gouvernance, et en sommets sans fin et sans aucun résultat concluant – et leur manque de légitimité démocratique sont en voie d’être rejetés en bloc par des millions d’électeurs dans tout le continent.

L’expérience de l’Europe a démontré que l’effacement de la société devant des théories économiques est politiquement indéfendable. Le sentiment de vulnérabilité sociale et la frustration envers l’échec du système politique à amener des solutions constituent les assises sur lesquelles les mouvements radicaux se sont toujours élancés pour offrir des solutions simplistes.

Une telle déconnexion entre les dirigeants issus de partis dominants et les électeurs a toujours eu pour corollaire le jeu politique de l’identité ethnique accentuée et du nationalisme exacerbé, voire du fanatisme déclaré. L’ex-président français Nicolas Sarkozy a fini la campagne par des tentatives désespérées de faire appel justement à ces sentiments dans son dernier effort pour empêcher la fin de sa carrière politique.

Ce que nous avons pu observer récemment dans toute l’Europe, c’est une révolte des électeurs contre les élites politiques traditionnelles. Dans le premier tour des élections présidentielles françaises, l’extrême droite a remporté plus de 30 % du scrutin, avec le Front national anti Europe de Martine Le Pen, menaçant de supplanter le parti du centre droit de l’Union pour un mouvement populaire comme le nouveau parti dominant de la droite du pays. En Grèce, la dangereuse fragmentation du système des partis dans un éventail de groupes politiques plus restreints, en conjonction avec la très nette émergence d’une nouvelle gauche anti austérité, le Syriza d’Alexis Tsipras, ainsi que d’une droite néonazie, ont plongé la gouvernance dans un état de paralysie totale.

Ironiquement, ce que les protestations civilisées des partis traditionnels dans l’Europe de la périphérie n’ont pas atteint, c.-à-d. un assouplissement du dogme de l’austérité, pourrait bien provenir de la politique kamikaze adoptée par la gauche radicale grecque. Par sa rébellion déclarée contre l’austérité dictée par l’Allemagne et en rendant très probable le retrait de la Grèce de la zone euro, Syriza rapproche plus que jamais la perspective d’un effondrement chaotique de l’euro dans la périphérie de l’Europe, ou même en son cœur. En insistant sur le fait qu’il s’agit de choisir entre de nouvelles conditions pour le sauvetage de la Grèce ou un scénario d’apocalypse, Syriza pourrait bien avoir créé la possibilité d’une résolution quasi keynésienne de la crise européenne.

Tsipras est peut-être un « impétueux » comme voudraient le dépeindre ses adversaires du parti traditionnel du centre gauche Pasok et du centre droit de la Nouvelle démocratie, mais il n’est pas irrationnel. Sa vision est plutôt une lecture sobre de la réalité : le plan d’austérité est devenu une voie directe aux enfers pour ses compatriotes, qui condamnera fort probablement la Grèce prise au piège d’un endettement permanent à des années interminables de dépression catastrophique et éventuellement à la mort de sa démocratie.

L’opiniâtreté maintenant légendaire de Merkel devra éventuellement céder devant les impératifs de la politique. C’est une chose d’ignorer l’appel du président de la Commission européenne José Manuel Barroso pour une politique économique moins rigide, c’en est une autre de rejeter du revers de la main le message musclé des électeurs français et grecs.

Car il n’est plus possible de considérer comme mineur le casse-tête politique pour Merkel de faire face au front commun contre l’austérité entre le premier ministre italien Mario Monti et le nouveau président français, François Hollande. La capacité de l’Espagne de survivre à une cure d’austérité qui ne fait que l’enfoncer encore plus dans les ornières de la récession doit aussi avoir ses limites.

Aussi le ministère des Finances de l’Allemagne, le cerbère de la rigueur budgétaire, envisage déjà des mesures inédites où la Banque européenne d’investissement s’engagerait dans la promotion de la croissance, l’émission d’obligations européennes liées à des projets de financement d’investissements en infrastructures. Il pourrait même laisser les salaires allemands croître plus rapidement que dans le reste de l’Europe. La victoire imminente, voire inévitable, de la politique sur l’économie récalcitrante pourrait bien être maintenant.

Traduit par Pierre Castegnier

Copyright Project Syndicate


Shlomo Ben Ami, ancien ministre des Affaires étrangères d’Israël, est vice-président du Toledo International Centre for Peace. Il est l’auteur de Scars of War, Wounds of Peace : The Israeli-Arab Tragedy (Cicatrices de guerre, blessures de paix : la tragédie israélo-arabe).

For further information on the topic, please view the following publications from our partners:
Understanding the Future of the Eurozone and of Greece’s Possible Exit

Eurosceptic Big Bang

Is Europe Addressing the Wrong Growth Crisis?


For more information on issues and events that shape our world please visit the ISN’s Security Watch and Editorial Plan.

The Triumph of Politics in Europe

A European flag and a Greek flag
Will Europe's politicians save the Euro? Photo: YoungJ523/flickr

MADRID – Economics, particularly economic theories, always yield in the end to political imperatives. That is why Europe’s fast-changing political landscape, reshaped by electoral insurrections in France and Greece against German-backed fiscal austerity, is bound to affect Europe’s economic policies as well.

Such an imperative has been at work throughout Europe’s postwar history. Indeed, Europe’s shift from the modest customs union of the European Economic Community to the single market and common currency of today’s European Monetary Union was itself a fundamentally political move, one with strategic implications, of course. France wanted to tame German power by harnessing it to the European project, and Germany was prepared to sacrifice the Deutsche Mark for the sake of France’s acceptance of a united Germany, the nightmare of Europe’s recent past.

An economically robust Germany is, without doubt, vital to the European project, if only because history has shown how dangerous an unhappy Germany can be. Indeed, it was thanks to the euro – and the captive European market that goes with it – that Germany today is the world’s second-leading exporter (China surpassed it in 2009).

El triunfo de la política sobre la economía en Europa

A European flag and a Greek flag
Will Europe's politicians save the Euro? Photo: YoungJ523/flickr

MADRID – En última instancia, la economía, en especial las teorías económicas, siempre conducen hacia imperativos políticos. Es por esta razón que el rápidamente cambiante panorama político de Europa, reformado por insurrecciones electorales en Francia y en Grecia en contra de la austeridad fiscal respaldada por Alemania, también está destinado a afectar las políticas económicas de Europa.

Dicho imperativo ha estado en funcionamiento durante el desarrollo de la historia europea posterior a la segunda guerra mundial. De hecho, por si solo el desplazamiento de Europa de lo que fue la modesta unión aduanera de la Comunidad Económica Europea hacia el mercado único y la moneda común de la actual Unión Monetaria Europea fue un movimiento fundamentalmente político, y por supuesto un movimiento con implicaciones estratégicas. Francia quería doblegar el poder alemán al atarlo al proyecto europeo, y Alemania estaba dispuesta a sacrificar al marco alemán a fin de lograr que Francia acepte a una Alemania unificada, misma que se había constituido en la pesadilla de Europa en los años precedentes a dicha unificación.

Sin duda, una Alemania económicamente robusta es vital para el proyecto europeo, aunque sea sólo porque la historia ha demostrado cuán peligrosa puede ser una Alemania infeliz. De hecho, fue gracias al euro, y al mercado cautivo europeo que viene junto al euro, que Alemania hoy en día es el segundo mayor exportador del mundo (China superó a Alemania en el año 2009).

Sin embargo, a Europa siempre le ha sido difícil llegar a aceptar a una Alemana excesivamente segura de sí misma, por no decir arrogante. La actual crisis política en Europa demuestra que las recetas de austeridad dictadas a la endeudada periferia de Europa por la canciller Ángela Merkel, independientemente de cuán sensatas podrían ser de manera abstracta, se muestran como una imposición por parte de Alemania. La preocupación para muchos no es sólo el histórico “problema alemán” que tiene Europa, sino también la probabilidad de que Alemania pueda llegar a exportar al resto de Europa los fantasmas de políticas radicales y nacionalismo violento que su éxito económico hizo que se difundan domésticamente.

Una vez que la crisis se convirtió en una triste realidad cotidiana para millones de desempleados, en particular para la que parece ser una generación perdida de jóvenes europeos sin empleo, las instituciones de la UE también se convirtieron en blanco de la ira popular. Sus insuficiencias – encarnadas en un engorroso sistema de gobierno, y en cumbres diplomáticas interminables y no concluyentes – y su falta de legitimidad democrática están siendo repudiadas por millones de votantes en todo el continente.

La experiencia de Europa ha demostrado que es políticamente insostenible subordinar a la sociedad a teorías económicas. La vulnerabilidad y frustración que emergen cuando el sistema político fracasa en lo referente a ofrecer soluciones se constituyen en las bases sobre las cuales, de manera constante, surgen movimientos radicales con la finalidad de ofrecer soluciones fáciles.

Como concomitante de este tipo de cortocircuito entre líderes de los partidos mayoritarios y votantes, siempre se encuentran políticas que tienden a reafirmar la identidad étnica, y a hacer surgir sentimientos ultranacionalistas y de intolerancia absoluta. El ex presidente francés Nicolás Sarkozy terminó tratando de apelar, de manera desesperada, a estos mismísimos sentimientos como un último esfuerzo para evitar su muerte política.

Lo que hemos visto en toda Europa en los últimos tiempos es una rebelión de los votantes en contra de la política convencional. En la primera ronda de las elecciones presidenciales francesas, la extrema derecha y la extrema izquierda recibieron más del 30% de los votos, y el Frente Nacional anti-Unión Europea de Martine Le Pen amenazó con suplantar al partido de centro-derecha Unión por un Movimiento Popular y constituirse en el nuevo partido político dominante que representa a la derecha del país. En Grecia, la peligrosa fragmentación del sistema de partidos políticos en una serie de grupos más pequeños, junto con la sólida aparición de una nueva izquierda anti-austeridad – encarnada en el partido “Tsipras” liderado por Syriza Alexis – y de una derecha neo-nazi, ha sumido a la gobernabilidad en un estado de parálisis total.

Irónicamente, la relajación del dogma de austeridad que las protestas civilizadas de los partidos dominantes en la Europa periférica no pudieron alcanzar podría producirse como resultado de las políticas arriesgadas propuestas por la izquierda radical griega. A través de su patente rebelión contra la austeridad dictada por Alemania, y al hacer que el retiro griego de la zona euro sea una posibilidad creíble, Syriza logra que se encuentre más cerca que nunca el colapso caótico del euro en la periferia de Europa y posiblemente más allá de dicha periferia. Al afirmar de manera insistente que se debe elegir entre dos ámbitos, ya sea los nuevos términos para el rescate griego o un escenario apocalíptico, Syriza podría estar creando la posibilidad de que se lleve a cabo una resolución cuasi-keynesiana de la crisis europea.

El partido político Tsipras podría ser considerado como “impetuoso” por sus adversarios, los partidos mayoritarios Pasok, partido de centro-izquierda, y Nueva Democracia, partido de centro-derecha; sin embargo, su planteamiento no es irracional. La lectura de la realidad que realiza Tsipras es bastante sobria: el plan de austeridad se ha convertido en una autopista que llevaría a sus compatriotas al infierno social, y que probablemente condenaría a Grecia a permanecer durante largos años en un estado de depresión empobrecedora, durante los cuales se encontraría permanentemente endeudada, además que tal plan podría conducir a una ruptura de la democracia.

Con el tiempo, la ahora legendaria obstinación de Merkel podría tener que sucumbir ante los imperativos de la política. Una cosa es hacer caso omiso al llamamiento a políticas económicas más flexibles realizado por José Manuel Barroso, presidente de la Comisión Europea, y otra muy distinta desestimar, porque sí, el poderoso mensaje proveniente de los votantes franceses y griegos.

Tampoco se torna en un leve dolor de cabeza político para Merkel tener que hacer frente a una alianza anti-austeridad entre el primer ministro italiano Mario Monti y el nuevo presidente francés François Hollande. La capacidad de España para soportar una “cura” de austeridad que sólo la hunde más profundamente en la recesión también debe tener sus propios límites.

Por todo lo expuesto, ahora el Ministerio Federal de Finanzas de Alemania, que se muestra como el guardián de la rectitud fiscal, está considerando medidas como ser el uso del Banco Europeo de Inversiones para fomentar el crecimiento, la emisión de “bonos de proyecto” de la Unión Europea para financiar inversiones en infraestructura, y permitir que los salarios en Alemania aumenten a un ritmo más rápido en comparación con los del resto de Europa. La inminente, y de hecho inevitable, victoria de la política sobre las teorías económicas recalcitrantes podría estar muy cerca.

Traducido del inglés por Rocío L. Barrientos.

Copyright Project Syndicate


Shlomo Ben Ami, ex ministro de relaciones exteriores de Israel, es actualmente vicepresidente del Centro Internacional de Toledo para la Paz. Es también autor del libro Cicatrices de guerra, heridas de paz: La tragedia árabe-israelí.
For further information on the topic, please view the following publications from our partners:

Understanding the Future of the Eurozone and of Greece’s Possible Exit

Eurosceptic Big Bang

Is Europe Addressing the Wrong Growth Crisis?


For more information on issues and events that shape our world please visit the ISN’s Security Watch and Editorial Plan.