صفقة جديدة من أجل الدول الهشة

A Vehicle Born Improvised Explosive Devise (VBIED) after exploding on a street
A Vehicle Born Improvised Explosive Devise (VBIED) after exploding on a street in Iraq. Photo: Eli J. Medellin/Wikimedia Commons.

باريس ــ اليوم، يعيش ما يقرب من ربع سكان العالم في دول هشة مبتلاة بالصراعات. وبرغم المبالغ الضخمة من الأموال التي أنفقت لمساعدة مثل هذه الدول على مدى السنوات الخمسين الماضية، فإن أعمال العنف والصراعات المسلحة لا تزال مستمرة في إفساد وتخريب حياة الملايين من البشر في مختلف أنحاء العالم. ويتعين على الشركاء الدوليين والوطنيين أن يعملوا الآن على تغيير الطريقة التي يتعاملون بها مع مثل هذه الدول جذريا.

وقد شهدت بنفسي الحاجة إلى اتباع نهج جديد في عام 2004 في سريلانكا. ففي غضون الشهرين الأولين اللذين أعقبا التسونامي المدمر في شهر ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام، زار ما يقرب من خمسين من رؤساء الدول ووزراء الخارجية الجزيرة. وأتى كل منهم وبصحبته برامجه، ومنظمات المجتمع المدني، وأطقم التلفزيون الخاصة به. غير أن القليل منهم أتوا وهم يحملون أي قدر من الفهم العميق لديناميكيات الصراع السياسي بين التاميل المتشددين ودولة سريلانكا. وبطبيعة الحال، ارتُكِبَت أخطاء كبرى، الأمر الذي أدى إلى تأجيج المزيد من العنف.

يتلخص التحدي الكبير الذي يواجهنا اليوم في الابتعاد عن نموذج الشراكة الذي تتحدد بموجبه الأولويات والسياسات واحتياجات التمويل في عواصم الدول المانحة ومقار شركاء التنمية. إن الدول المتضررة بالصراع لابد أن تكون قادرة على تحديد مصائرها.

وينبغي لنا أن ننشئ نماذج الانتقال في مرحلة ما بعد الصراع، كذلك الذي نادت به “مجموعة الدول السبع +”، وهي مجموعة تتألف من ثماني عشر دولة هشة. والنموذج بسيط: حيث تقوم كل دولة بتقييم أوضاعها بنفسها، بالاستعانة بأدوات من ابتكارها وتتناسب مع السياق، من أجل صياغة رؤية ووضع خطة لتوطيد السلام وتحقيق الازدهار.

وقد يبدو هذا أشبه بحلم بعيد المنال، ولكننا شهدنا تحققه بالفعل في أفريقيا، حيث تجسد أجندة من أجل الرخاء 2013-2017 في سيراليون، ورؤية ليبيريا 2030 الإمكانات التي تنطوي عليها مثل هذه البرامج. والواقع أن إحراز التقدم على مسار تلبية الأولويات الوطنية، مثل توطيد السلام، أو توسيع القدرة على الوصول إلى العدالة، أو زيادة الأمن، تتم مراقبته محليا. فقد تبين أن استخدام الأجهزة والقدرات المحلية في المراقبة كفيلة بتعزيز قوتها.

وقد اقترحت “الصفقة الجديدة للمشاركة في الدول الهشة“، والتي تستند إلى سلسلة من الالتزامات الدولية المرتبطة بالمساعدات والتنمية، والتي أبرِمَت في المنتدى الرفيع المستوى الرابع لفعالية المعونات والمساعدات في بوسان بكوريا الجنوبية في عامة 2011، اقترحت هذا النموذج على وجه التحديد. ويكرس هذا النموذج أكثر الأمور أهمية في بناء دول ومجتمعات سلمية: الالتزامات والتعهدات ــ أهداف السلام وبناء الدولة ــ بتحسين الكيفية التي يساهم بها الشركاء الوطنيون والدوليون في السياقات الهشة المتضررة بالصراع.

وتدرك الصفقة الجديدة ما يعلمنا إياه تاريخ بناء السلام: إن قيادة الأجندات وملكيتها الوطنية تشكل المفتاح الأساسي لتحقيق نتائج ملموسة ومستدامة. وعلى حد تعبير كوستي مانيبي نجاي وزير مالية جنوب السودان: “لا شيء عنا بدوننا”.

في العديد من المحادثات مع رئيس جنوب السودان سلفا كير، ناقشنا وضع قائمة قصيرة للأولويات الواضحة للدولة الجديدة. ولكن مثل هذه الأهداف لا تصبح ذات معنى إلا إذا كان شركاء الدولة الهشة على استعداد لتقبل القيادة من عاصمة مثل جوبا وليس من مقراتهم الخاصة.

وقد أيدت أكثر من أربعين دولة ومؤسسة الطريقة التي تنتهجها الصفقة الجديدة في العمل، فتعهدت ببناء شراكات أفضل ــ واستثمار الموارد المطلوبة ورأس المال السياسي. وهذا هو السبب وراء إبداع نموذج الصفقة الجديدة؛ فهو يخلق الدعم السياسي حول القضايا التي تحتاج إلى معالجة إذا كان للدول أن تتمكن من الانتقال من الصراع والهشاشة إلى السلام والاستقرار.

إن دعم الحوار السياسي الشامل وضمان حل الصراع من خلال السلمية من بين أعلى الأولويات، وكذلك الأمن، والوصول إلى العدالة، وتأسيس قطاع خاص ديناميكي قادر على توليد العدد الكافي من فرص العمل. وعلاوة على ذلك، فإن العديد من الدول الهشة غنية بالموارد الطبيعية، وينبغي لها أن تعمل على تأسيس إدارة شفافة للموارد ــ تهدف إلى الحد من الفساد والسيطرة على التدفقات غير المشروعة من الأموال والسلع ــ من أجل زيادة العائدات اللازمة لتسليم الخدمات.

والتركيز على هذه العمليات من شأنه أن يضمن تولي الدول الهشة زمام المبادرة وتحملها للمسؤولية. وكشركاء، يتعين علينا أن نتقبل هذه الزعامة الوطنية. فبعد الزلزال المأساوي الذي ضرب هايتي في عام 2010، أطلق على البلد وصف “بلد المنظمات غير الحكومية“. فبسبب عجزهم عن خلق الظروف التي يستطيع فيها أهل هايتي أنفسهم أن يحملوا لواء الريادة في إعادة بناء بلدهم، انتهى شركاء هايتي القادمون من الخارج إلى تقويض محاولات تأسيس نظام حكم داخلي قادر على أداء وظيفته.

كيف يمكننا إذن أن نترجم التزاماتنا وأولوياتنا إلى حياة أفضل من أجل الناس الذين تضرروا بالصراع وهشاشة دولتهم؟

ينبغي لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن تكون قدوة فتفي بالتعهدات التي قطعتها على نفسها. ويتعين عل شركائنا، من خلال تجمعات مثل “مجموعة الدول السبع +”، أن يستمروا في المطالبة بالتغيير في السياسات والممارسات التي وُعِدوا بها.

ويتعين علينا أيضاً أن نخطط للتغيير في الأمد البعيد. ومع اقتراب الموعد النهائي لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية بحلول عام 2015، فإن الترويج للسلام، والأمن، وحل الصراعات بلا عنف، يظل يشكل أهمية بالغة، ولابد من دمجه بشكل كامل في أي أجندة تنمية في المستقبل.

مؤخرا، اجتمع أعضاء الحوار الدولي بشأن بناء السلام وبناء الدولة، المنتدى السياسي الرفيع المستوى الذين أنتج الصفقة الجديدة، اجتمعوا في واشنطن العاصمة، لتقييم مدى تقدمنا في تغيير الكيفية التي نعمل بها وفي تنفيذ التزامات الصفقة الجديدة. وقد وافقوا على بيان واشنطن، الذي يحث شركاء التنمية، ودول “مجموعة الدول السبع +”، ومنظمات المجتمع المدني على تكثيف الجهود الرامية إلى استخدام الصفقة الجديدة لتحقيق نتائج ملموسة على الأرض، ويدعو إلى وضع أجندة لمرحلة ما بعد 2015 تعترف بالأهمية العالمية للسلام وبناء الدولة.

وفي نهاية المطاف، ينبغي لنا أن ندرك أن أي تقدم نتمكن من إحرازه يتوقف على عزم الجميع على تحويل حياة 1,5 مليار إنسان أفسد حياتهم العنف والصراع وانعدام الأمان والاستقرار.

ترجمة: أمين علي          Translated by: Amin Ali

Copyright Project Syndicate

اريك سولهايم وزير التنمية والبيئة الأسبق في النرويج، ورئيس لجنة المساعدات الإنمائية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حاليا.

For additional reading on this topic please see:

Strengthening the UN Peacebuilding Commission

Justice, Truth and Reparation in the Colombian Peace Process

Enhancing Security and Justice in Liberia: The Regional Hub Model


For more information on issues and events that shape our world please visit the ISN’s featured editorial content and Security Watch.

Un nuevo acuerdo para los estados frágiles

A Vehicle Born Improvised Explosive Devise (VBIED) after exploding on a street
A Vehicle Born Improvised Explosive Devise (VBIED) after exploding on a street in Iraq. Photo: Eli J. Medellin/Wikimedia Commons.

PARÍS – Hoy, aproximadamente una cuarta parte de la población mundial vive en estados frágiles y afectados por el conflicto. A pesar de las vastas sumas de dinero que se han invertido en ayudar a estos estados en los últimos 50 años, el conflicto armado y la violencia siguen deteriorando las vidas de millones de personas en todo el mundo. Los socios internacionales y nacionales deben cambiar radicalmente la manera en que interactúan con estos estados.

Yo experimenté de primera mano la necesidad de una nueva estrategia en 2004 en Sri Lanka. En los dos primeros meses luego del tsunami devastador que ocurrió ese mes de diciembre, cerca de 50 jefes de Estado y ministros de Relaciones Exteriores visitaron la isla. Cada uno llegaba con sus propios programas, sus propias organizaciones de la sociedad civil y sus propios equipos de televisión. Pocos llegaban con un profundo entendimiento de la dinámica del conflicto político entre los militantes tamiles y el estado de Sri Lanka. Se cometieron grandes errores, que alimentaron aún más la violencia.

Nuestro mayor desafío hoy es apartarnos del modelo de sociedad según el cual las prioridades, políticas y necesidades de financiamiento se deciden en las capitales de los países donantes y en las sedes centrales de los socios para el desarrollo. Los estados afectados por el conflicto tienen que poder decidir sobre sus propios destinos.

Deberíamos establecer modelos de transición post-conflicto como el modelo defendido por el g7+, un grupo de dieciocho estados frágiles. El modelo es simple: los países evalúan su propia situación, mediante las herramientas que ellos mismos desarrollan y que son apropiadas para el contexto, para formular una visión y un plan destinados a consolidar la paz y alcanzar la prosperidad.

Esto tal vez suene como castillos en el aire, pero ya lo pusimos a prueba en África, donde la Agenda para la prosperidad 2013-2017 de Sierra Leona y la Visión para Liberia 2030 ejemplifican el potencial de este tipo de programas. El progreso en cuanto a cumplir con las prioridades nacionales como la consolidación de la paz, un mayor acceso a la justicia o una mayor seguridad se monitorea localmente. Quedó demostrado que la utilización de sistemas y capacidades locales puede fortalecerlos.

El “Nuevo acuerdo para el compromiso en estados frágiles”, que se basa en una serie de compromisos internacionales respecto de la ayuda y el desarrollo, y que fue respaldado en el Cuarto foro de alto nivel sobre la eficacia de la ayuda en Busán, Corea del Sur, en 2011, propone exactamente un modelo de este tipo. Este acuerdo consagra lo que más importa a la hora de crear estados y sociedades pacíficos: compromisos -los Objetivos de construcción de paz y consolidación estatal- para mejorar la manera en que los socios nacionales e internacionales participan en contextos frágiles, afectados por el conflicto.

El Nuevo acuerdo reconoce lo que la historia de la construcción de la paz nos enseña: el liderazgo nacional y el manejo de las agendas son esenciales para obtener resultados visibles y sustentables. Como dijo Kosti Manibe Ngai, ministro de Finanzas de Sudán del Sur, “Nada sobre nosotros sin nosotros”.

En muchas conversaciones con el presidente de Sudán del Sur, Salva Kiir, analizamos la confección de una lista breve de prioridades claras para el nuevo estado. Pero esos objetivos sólo tienen sentido si los socios de un estado frágil están dispuestos a aceptar que las cosas se decidan desde una capital como Juba y no desde sus oficinas centrales.

Más de 40 países e instituciones han respaldado el estilo de trabajo del Nuevo acuerdo, y se comprometieron a forjar mejores relaciones -y a invertir los recursos y el capital político necesarios-. Por esta razón es que el modelo del Nuevo acuerdo es innovador; genera respaldo político alrededor de cuestiones que es preciso abordar si los países han de consolidar la transición del conflicto y la fragilidad a la paz y la estabilidad.

Respaldar un diálogo político inclusivo y asegurar que el conflicto se resuelva a través de medios pacíficos son las principales prioridades, así como lo son la seguridad, el acceso a la justicia y un sector privado dinámico que genere suficientes oportunidades laborales. Es más, muchos estados frágiles son ricos en recursos naturales, y deben establecer una gestión transparente de los recursos -destinada a frenar la corrupción y a controlar flujos ilícitos de dinero y bienes- a fin de aumentar los ingresos necesarios para ofrecer servicios.

Un foco en estos procesos aseguraría que los estados frágiles tomen la delantera y asuman la responsabilidad. Como socios, debemos aceptar este liderazgo nacional. Después del catastrófico terremoto de Haití en 2010, el país fue apodado “la república de las ONG”. Al no poder crear las condiciones para que los propios haitianos pudieran tomar la delantera en la reconstrucción de su propio país, los socios externos de Haití socavaron la creación de un sistema de gobernancia interna funcional.

¿Cómo podemos entonces traducir nuestros compromisos y prioridades en mejores vidas para la gente que está afectada por el conflicto y la fragilidad?

Los países de la OCDE necesitan liderar con el ejemplo y cumplir con los compromisos que hicieron. Nuestros socios, a través de agrupaciones como el g7+, deben seguir exigiendo los cambios en las políticas y las prácticas que se prometieron.

También debemos planificar los cambios para el largo plazo. A medida que se acerca la fecha límite de 2015 de los Objetivos de desarrollo del milenio, promover la paz, la seguridad y la resolución no violenta del conflicto sigue siendo de vital importancia, y es algo que debe estar plenamente integrado en cualquier agenda de desarrollo futuro.

Recientemente, los miembros del Diálogo internacional sobre construcción de la paz y consolidación estatal, el foro político de alto nivel de donde surgió el Nuevo acuerdo, se reunieron en Washington para evaluar nuestro progreso en cuanto a cambiar la manera en que trabajamos e implementamos los compromisos del Nuevo acuerdo. Concordaron en el Comunicado de Washington, que insta a los socios para el desarrollo, los países del g7+ y las organizaciones de la sociedad civil a intensificar sus esfuerzos para utilizar el Nuevo acuerdo a fin de ofrecer resultados concretos en el terreno, y reclama una agenda de desarrollo post-2015 que reconozca la importancia universal de la construcción de la paz y la consolidación estatal.

En definitiva, nuestro progreso depende de la voluntad de todos de transformar las vidas de 1.500 millones de personas cuya existencia está aquejada por la violencia, el conflicto y la inseguridad.

Copyright Project Syndicate

Erik Solheim, ex ministro de Desarrollo y ex ministro de Medio Ambiente de Noruega, es presidente del Comité de Asistencia para el Desarrollo de la OCDE.

For additional reading on this topic please see:

Strengthening the UN Peacebuilding Commission

Justice, Truth and Reparation in the Colombian Peace Process

Enhancing Security and Justice in Liberia: The Regional Hub Model


For more information on issues and events that shape our world please visit the ISN’s featured editorial content and Security Watch.

Categories
Uncategorized

ما بعد أحمدي نجاد

Mahmoud Ahmadinejad
Mahmoud Ahmadinejad. Photo: Parmida Rahimi.

واشنطن، العاصمة ــ لن يخوض اسفنديار رحيم مشائي، الخليفة المفضل لدى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، انتخابات الرابع عشر من يونيو/حزيران. ولن يخوضها أيضاً الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني. والواقع أن استبعاد هذين المرشحين يبعث برسالة قوية من المرشد الأعلى آية الله على حسيني خامنئي. والأمر ببساطة أن خامنئي لن يتسامح مع أي انتقاص من سلطته، وهو عازم على تجنب ذلك النوع من الاحتكاك الذي اتسمت به علاقاته بالرؤساء السابقين، وخاصة أحمدي نجاد.

ومرة أخرى، يكشف استبعاد مشائي ورفسنجاني عن الانقسام الراسخ في قلب البنية السياسية في إيران بفعل ازدواج السلطة التنفيذية بين المرشد الأعلى والرئيس. وعندما أيد خامنئي علناً إعادة انتخاب أحمدي نجاد المثيرة للجدال في عام 2009، لم يكن بوسع أحد أن يتنبأ بمثل هذا المستوى غير المسبوق من التوترات التي نشأت لاحقاً بين السلطتين الرئيسيتين في البلاد.

ولكن تبين الآن أن دعم أحمدي نجاد كان قراراً مكلفاً بالنسبة لخامنئي ــ والجمهورية الإسلامية. فبدلاً من ضبط نفسه مع موجة خامنئي، كما كان متوقعا، بدأ أحمدي نجاد الترويج لأجندة قومية معادية لرجال الدين، مستخدماً بشكل فعّال موارد خامنئي ذاته لتحدي سلطة المرشد الأعلى وإنشاء شبكته الاقتصادية الخاصة ومجال نفوذه.

وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، حاول أحمدي نجاد مراراً وتكراراً تقويض سيطرة رجال الدين الحاكمين على القرارات السياسية والسياسات العامة. ففي عام 2011، حاول إقالة حيدر مصلحي، حليف خامنئي، من منصبه كرئيس لجهاز الاستخبارات، ولكنه لم يفلح. كما عمل على تقليص الموارد الموجهة إلى مؤسسات دينية بعينها، وساعد هؤلاء في دائرته على تأسيس بنوك خاصة من خلال تخفيف القيود التنظيمية، وتحدى المؤسسة الاقتصادية العسكرية الأكثر قوة في البلاد، الحرس الثوري الإسلامي.

ولكن مع اتساع الصدع بين خامنئي وأحمدي نجاد، تراجعت مستويات تأييد الرئيس بشكل ملحوظ، حتى أن وسائل الإعلام التي تديرها الدولة أشارت إلى الموالين لأحمدي نجاد بوصف “دائرة الانحراف”. علاوة على ذلك، وخلافاً لفترة ولاية أحمدي نجاد الأولى، فإن وسائل الإعلام غير التابعة للدولة تنتقد الآن علناً أجندته الاقتصادية والسياسية.

ومع اقتراب نهاية فترة ولاية أحمدي نجاد الثانية والأخيرة بسرعة، فيبدو من غير المرجح أن يهجر الرئيس المهان الذي فقد شعبيته جهوده الرامية إلى زعزعة استقرار المؤسسة الحاكمة في إيران. والواقع أنه روج لمشائي خليفة له لفترة طويلة، ولكن خامنئي بتر جهوده غير القانونية ــ وأنهى كل احتمالات ترشح مشائي.

إن مشائي واحداً من أكثر الشخصيات إثارة للجدال في إيران، وهو ينال أقذع الشتائم واللعنات من قِبَل الزعماء المحافظين بسبب آرائه الإصلاحية المناهضة لرجال الدين. ففي عام 2009، بعد أن رفض خامنئي قرار أحمدي نجاد بتعيين مشائي نائباً أول له، سارع أحمدي نجاد بلا خجل إلى تعيينه رئيساً للأركان، وهي الخطوة التي أثارت غضب خامنئي.

إن أحمدي نجاد ليس أول مسؤول رفيع المستوى في إيران يتحدى المرشد الأعلى. كان آية الله العظمى حسين علي منتظري، أحد أهم كبار رجال الدين في إيران، ليصبح مرشداً أعلى لولا خلافه مع آية الله العظمى روح الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية، قبل بضعة أشهر من وفاة الخميني.

فبوصفه واحداً من أكثر الشخصيات نفوذاً في إيران أثناء العقد الأول من عمر الجمهورية الإسلامية، قدم منتظري مبرراً واسعاً للسلطة المطلقة للمرشد الأعلى، التي يعتبرها العديد من آيات الله هرطقة. ولكنه سرعان ما بدأ في تحدي الزعامة المتشددة للجمهورية الإسلامية ــ واستمر على نهجه ذلك إلى أن توفي في عام 2009.

والواقع أن منتظري، الذي أعطته مكانته بوصفة آية الله العظمى (أعلى مرتبة بين علماء الدين الشيعة) سلطة دينية أعظم من تلك التي تمتع بها خامنئي، طعن في مؤهلات خامنئي لإصدار الفتاوى أو لخلافة الخميني كمرشد أعلى. وقد وضع منتظري تحت الإقامة الجبرية لمدة ست سنوات؛ وتم قمع المظاهرات التي خرجت لتأييده؛ كما سُجِن العديد من تلامذته وأصدقائه المقربين، أو عذبوا، أو قتلوا، أو أرغموا على الفرار من البلاد.

وعلى نحو مماثل، وقع أبو الحسن بني صدر، أول رئيس للجمهورية الإسلامية، في خلاف مع الخميني حول تقسيم السلطة. وتم خلعه في عام 1981، بعد عام واحد في السلطة، وفر إلى فرنسا، حيث لا زال يقيم هناك. وأسفرت اشتباكات الشوارع العنيفة بين أنصار بني صدر ومعارضيه عن وقوع ضحايا من الجانبين.

ومن نواح كثيرة، تشبه قصة أحمدي نجاد قصة بني صدر. فكل منهما كان مجهولاً نسبياً قبل رئاسته؛ وكل منهما كان يعتمد على دعم المرشد الأعلى للفوز بالسلطة؛ وكل منهما خسر ذلك الدعم تدريجياً مع محاولاتهما الحد من نفوذ الجماعة الدينية الحاكمة والحرس الثوري الإسلامي، وكل منهما فشل في خلق تنظيم خارجي يمكنه الاعتماد عليه في حال إخفاق الحماية الرسمية.

الواقع أن السماح لأحمدي نجاد بإتمام فترة ولايته الثانية ــ وهي النتيجة التي كثيراً ما شككت فيها وسائل الإعلام ــ يعكس أهمية صورة إيران المستقرة بالنسبة لخامنئي. ولكن تحقيق هذه الغاية سوف يتطلب أن يضع خامنئي في الحسبان عدم إمكانية التنبؤ بمفاجآت أحمدي نجاد.

فبعد أن لم يعد لديه ما يخسره، قد يقرر أحمدي نجاد زعزعة استقرار الجمهورية الإسلامية إذا ارتأى أن ذلك ضرورياً لنجاته. بل والآن بعد أن استبعد مجلس صيانة الدستور مشائي من السباق الرئاسي، فإن استياء أحمدي نجاد ربما يعبر عن نفسه سلوكياً قبل وبعد الانتخابات، مثل إطلاق معلومات عن فساد عال المستوى على سبيل المثال. وقد يعارض خامنئي بشكل مباشر أيضا، مصوراً نفسه بوصفه شخصاً وطنياً مناهضاً لحكم رجال الدين. ولكن مثل هذا النهج سوف يكون بالغ الخطورة؛ بل إنه قد يكلف أحمدي نجاد حياته.

وبعد الانتخابات، من المرجح أن يستمر هذا النوع من النزاعات الانقسامية التي أصابت عملية صنع القرار السياسي في إيران بالشلل لفترة طويلة. ولكن الجمود بشأن الساسة النووية الإيرانية قد يخلف عواقب خطيرة. والواقع أن الافتقار إلى حكومة قوية موحدة وقادرة على صياغة الإجماع قد يجعل من المستحيل حتى بالنسبة لخامنئي أن يغير المسار، وهو ما من شأنه أن يجعل إيران بلا خيار غير الاستمرار على نهج المواجهة الدبلوماسية مع الغرب.

ترجمة: إبراهيم محمد علي          Translated by: Ibrahim M. Ali

Copyright Project Syndicate

مهدي خلجي كبير زملاء معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.

For additional reading on this topic please see:

Spider Web: The Making and Unmaking of Iran Sanctions

The Sources of Iranian Conduct

Iran: Regional Power with a Global Strategy


For more information on issues and events that shape our world please visit the ISN’s featured editorial content and Security Watch.

Categories
Uncategorized

Después de Ahmadinejad

Mahmoud Ahmadinejad
Mahmoud Ahmadinejad. Photo: Parmida Rahimi.
WASHINGTON, DC – Esfandiar Rahim Mashai, el sucesor preferido del Presidente del Irán, Mahmoud Ahmadinejad, no va a presentarse a las elecciones del 14 de junio. Tampoco lo hará el ex Presidente Akbar Hashemi Rafsanjani. La descalificación de los dos es un mensaje contundente del Dirigente Supremo, Ayatolá Ali Hoseini Jamenei. Dicho sencillamente, Jamenei no está dispuesto a tolerar disminución alguna de su poder y está decidido a evitar la clase de fricciones que ha caracterizado sus relaciones con presidentes anteriores, en particular Ahmadinejad.

La descalificación de Mashai y Rafsanjani revela una vez más el cisma inherente a la estructura política del Irán por la existencia de un ejecutivo doble: el Dirigente Supremo y el Presidente. Cuando Jamenei apoyó públicamente la polémica reelección de Ahmadinejad en 2009, nadie podía haber previsto las tensiones sin precedentes que surgirían posteriormente entre las dos autoridades principales del país.

Pero la de apoyar a Ahmadinejad resultó ser una decisión costosa para Jamenei y para la República Islámica. En lugar de alinearse con Jamenei, como se esperaba, Ahmadinejad empezó a promover un programa nacionalista y anticlerical utilizando, en realidad, los recursos de Jamenei para desafiar la autoridad del dirigente supremo y establecer sus propias red económica y esfera de influencia.

A lo largo de los cuatro últimos años, Ahmadinejad ha intentado repetidas veces socavar el control de las decisiones políticas y normativas por parte de los clérigos gobernantes. En 2011, intentó destituir a Heider Moslehi, aliado de Jamenei, de su cargo de jefe de la inteligencia, pero en seguida fue desautorizado. También ha reducido los recursos destinados a ciertas instituciones religiosas, ha ayudado a miembros de su círculo a crear bancos privados aligerando la reglamentación y ha desafiado a la institución económica y militar más poderosa del Irán, el Cuerpo de Guardias Revolucionarios Islámicos.

Pero, al intensificarse la desavenencia entre Jamenei y Ahmadinejad, el apoyo al Presidente ha disminuido en gran medida, hasta el punto de que incluso los medios de comunicación estatales se refirieron a los leales a Ahmadinejad como “círculo desviacionista”. Además, a diferencia de lo ocurrido durante el primer mandato de Ahmadinejad, ahora los medios de comunicación no estatales critican públicamente su programa económico y político.

Como falta muy poco para el fin del segundo y último mandato de Ahmadinejah, parece improbable que el desacreditado e impopular Presidente abandone sus intentos de desestabilizar a la clase gobernante del Irán. En realidad, llevaba mucho tiempo promocionando a Mashai como su sucesor, pero Jamenei puso coto a sus gestiones ilegales y ahora ha suprimido enteramente la candidatura de Mashai.

Mashai es una de las figuras más polémicas del Irán, denigrado de forma generalizada entre los dirigentes conservadores por sus opiniones reformistas y anticlericales. En 2009, después de que Jamenei rechazara la decisión de Ahmadinejad de nombrar a Mashai primer Vicepresidente suyo, Ahmadinejad lo nombró, con el mayor descaro, Jefe de Estado Mayor, iniciativa que enfureció a Jamenei.

Ahmadinejad no es el primer alto cargo político del Irán que desafía al Dirigente Supremo. El Gran Ayatolá Hosein Ali Montazeri, uno de los clérigos más importantes del Irán, habría sido Dirigente Supremo él mismo, si no hubiera tenido desavenencias insalvables con el Gran Ayatolá Ruhollah Jomeini, fundador de la República Islámica, unos meses antes de la muerte de éste.

Montazeri, una de las figuras más influyentes del Irán durante el primer decenio de la República, expuso una exhaustiva justificación de la autoridad absoluta del Dirigente Supremo, que muchos alatoyás consideraron herética, pero no tardó en desafiar a los dirigentes intransigentes de la República Islámica y siguió haciéndolo hasta que murió en 2009.

Montazeri, cuya condición de Gran Ayatolá (el grado superior de los teólogos musulmanes chiíes) le confería mayor autoridad religiosa que a Jamenei, impugnó las facultades para emitir fatwas (resoluciones religiosas islámicas) o para suceder a Jamenei como Dirigente Supremo. Montazeri estuvo sometido a detención domiciliaria durante seis años, se reprimieron las manifestaciones de apoyo a él y muchos de sus discípulos y amigos íntimos fueron encarcelados, torturados o muertos o se vieron obligados a huir del país.

Asimismo, Abulhasan Banisadr, primer Presidente de la República Islámica, tuvo desavenencias insalvables con Jomeini sobre la división de la autoridad. En 1981, fue destituido de su cargo, después de haberlo ocupado tan sólo un año, y huyó a Francia, donde sigue residiendo. Los choques violentos en las calles entre partidarios y oponentes de Banisadr causaron muertes en los dos bandos.

En muchos sentidos, la historia de Ahmadinejad se parece a la de Banisadr. Los dos eran relativamente desconocidos antes de ser presidentes; los dos dependieron del respaldo del Dirigente Supremo parea conseguir el poder y los dos fueron perdiendo apoyo a medida que intentaron reducir la influencia de la jerarquía clerical y del Cuerpo de los Guardias Revolucionarios Islámicos. Lo más importante es que ninguno de los dos consiguió crear una organización exterior en la que confiar, si perdían su protección oficial.

El hecho de que se haya permitido a Ahmadinejad seguir en su cargo durante su segundo mandato, resultado que los medios de comunicación pusieron en duda con frecuencia, refleja la importancia para Jamenei del mantenimiento de la imagen de un Irán estable, pero, para lograr ese objetivo, Jamenei habrá de tener en cuenta el carácter imprevisible de Ahmadinejad.

Como nada tiene que perder, Ahmadinejad podría decidir desestabilizar la República Islámica, si lo considera necesario para su supervivencia. De hecho, ahora que el Consejo de Guardias Revolucionarios ha descalificado a Mashai para la carrera presidencial, el resentimiento de Ahmadinajad probablemente se manifieste antes y después de las elecciones, haciendo pública, por ejemplo, información sobre la corrupción en las altas esferas. También podría oponerse directamente a Jamenei presentándose como una figura patriota y anticlerical, pero esa actitud sería peligrosa; de hecho, podría costarle la vida.

Después de las elecciones, es probable que persista la clase de disputas que ha paralizado durante mucho tiempo la formulación de políticas en el Irán, pero un estancamiento respecto de la política nuclear del Irán podría tener consecuencias graves. De hecho, la falta de un gobierno fuerte y unificado y capaz de forjar un consenso podría hacer que incluso a Jamenei le resultara imposible cambiar de rumbo, con lo que no quedaría otra opción al Irán que la de persistir en su punto muerto diplomático con Occidente.

Traducido del inglés por Carlos Manzano.

Copyright Project Syndicate

Mehdi Khalaji es investigador superior en el Instituto Washington para la Política en Oriente Próximo.

For additional reading on this topic please see:

Spider Web: The Making and Unmaking of Iran Sanctions

The Sources of Iranian Conduct

Iran: Regional Power with a Global Strategy


For more information on issues and events that shape our world please visit the ISN’s featured editorial content and Security Watch.

After Ahmadinejad

Mahmoud Ahmadinejad
Mahmoud Ahmadinejad. Photo: Parmida Rahimi.

WASHINGTON, DC – Iranian President Mahmoud Ahmadinejad’s preferred successor, Esfandiar Rahim Mashai, will not be running in the June 14 election. Neither will former President Akbar Hashemi Rafsanjani. The disqualification of both sends a strong message from Supreme Leader Ayatollah Ali Hosseini Khamenei. Simply put, Khamenei will not tolerate any diminution of his power, and he is determined to avoid the type of friction that has characterized his relationships with previous presidents, particularly Ahmadinejad.

The disqualification of Mashai and Rafsanjani reveals, once again, the schism embedded at the heart of Iran’s political structure by the dual executive of Supreme Leader and President. When Khamenei publicly supported Ahmadinejad’s controversial reelection in 2009, no one could have predicted the unprecedented tensions that would subsequently emerge between the country’s two main authorities.